استعانت هيئة مكافحة الفساد بالعديد من التقارير الصحفية لكشف أوجه الخلل وملاحقة أسباب الفساد، ووصلت من خلال تلك التقارير إلى الزوايا المظلمة التي يعشش فيها ذلك الفساد وينمو. كانت الصحافة، وما تزال، أقصر الخطوات إلى الإصلاح، وبقدر ما تتمتع به من حرية وهيبة بقدر ما تشكل من فعالية في محاربة الفساد وكشف المفسدين.
بالأمس احتفلت الصحافة بيومها العالمي، ونشرت تقريرها الذي، وكالمعتاد، يكشف العلاقة الوطيدة بين الفساد والديكتاتورية من ناحية، ومستوى حرية الصحافة المتدني من الناحية الأخرى.. إذ تتقدم الدول الفاسدة والديكتاتورية على قائمة أكثر الدول تقييداً للصحافة ومحاربة لحريتها.
في بلادنا، تتنامى حرية الصحافة عاماً بعد عام، ويجد الصحفيون مساحة لا بأس بها من الحرية التي يتحركون فيها، وهو الأمر الذي سيساهم في مسيرة الإصلاح بشكل حقيقي عندما تتسع تلك المساحة لتستوعب حرية الرأي بشكل أكبر. ورغم أهمية الدور الذي تقوم به الصحافة؛ إلا أنها لا تجد الهيبة التي تستحقها، كسلطة رابعة، فبإمكان أي مسؤول أن يتجاهل أسئلة الصحفيين واستفساراتهم، وبإمكانه أيضاً طردهم أو حتى منعهم من الحديث، أو ملاحقتهم والتضييق عليهم.
هناك كثير من المسؤولين لم يحترموا بعد مكانة الصحافة، لأنهم لم يجدوا القانون الذي يحميها ويضمن هيبتها، القانون الذي يحمي الصحفي من بطش أي مسؤول أغضبه الحديث عن سلبيات عمله، أو كشف خلل إدارته. فتشوا الآن في كل الصحف، ابحثوا عن الوزارات والإدارات الصامتة، تلك التي تتجاهل الصحافة، وتمتنع عن الرد على الصحفيين، فتشوا عن المدن التي لا تنشر تقارير وتحقيقات تتناول جوانب القصور فيها، وتساءلوا: هل هي مدن فاضلة؟ أم أن المسؤولين فيها يخشون من الحديث، ويمارسون التضييق على الصحفيين لكي لا يكتشف الخلل فيها؟