مصداقية الصحف تعني باختصار شديد صدق ما تقوله الصحيفة للقارئ.. فيكون القارئ مقتنعاً تماما بصدق المحتوى الذي تقدمه له صحيفته كل صباح.
أمضيت وقتاً طويلا في حوار مع الأخ المعتصم بالله العقلا كي أثبت له الجهد الكبير الذي تبذله الصحافة لدينا لتحري المصداقية وتكريسها.. وحرصها على تجنب ما يخدش ثقة القارئ بها.. لكنه أخذني إلى قسم الإعلان! فالصحف ـ حسب رؤيته ـ تتهاون في مسائل الإعلان أمام إغراءات المال.. يخيل لي ـ والخيال له وليس لي ! ـ وأنا اتصفح صحفنا اليومية أنه لا يوجد لدينا ـ مثلاً ـ أي شركة أو مؤسسة صغرى أو ناشئة في المملكة, فتجد جميع الإعلانات (شركة رائدة) أو (شركة وطنية كبرى) أو (مؤسسة كبرى), ولا أفهم سبب عدم إلزام الصحف لهذه الشركات والمؤسسات بإظهار اسمها..
باستطاعة أي معلن أن يأتي بسجل تجاري حتى وإن كانت مؤسسته عبارة عن شقة في عمارة في حي شعبي، ورأس ماله المسجل لا يتجاوز عشرة آلاف ريال, ويستطيع أن يتحول بقدرة قادر في مربع إعلاني لا يتجاوز X10 10 سم، إلى شركة وطنية رائدة وبمقابل لا يزيد عن 250 ريالا، فهذا الإعلان برأيي البسيط يؤثر على مصداقية الصحف!
استطعت ـ إلى حد كبير ـ إقناعه أن المسؤولية في هذا الجانب لا تقع على الصحف عطفا على وجود جهات حكومية تتحقق من تصنيف هذه الشركات والمؤسسات.. والحمد لله أنه لم يطرح علي السؤال الذي سمعته مائة مرة: هل تستطيع أن تحضر لي مقالا واحداً أو مادة صحفية واحدة تنتقد أحد البنوك السعودية بالاسم الصريح؟ ـ أدرك جيداً، كما أن ثقة القارئ بأن صحيفته تقدم له الحقيقة.. يجب أن يتفهم أنها قد لا تستطيع قول الحقيقة كلها.. الأهم هو ألا تقول له شيئا غير الحقيقة.