قرأت تغريدة للدكتور تركي الحمد مفادها «ذات يوم ليس ببعيد، سنُدرك ما أدركته أوروبا منذ القرن الثامن عشر، على يد مفكرين مثل: فولتير، وروسو، ومونتيسكيو، وغيرهم، أن الدين والدولة مثل: الماء والزيت، لا يمتجزان، وإن حاول البعض مزجهما بالقوة. تدخل الدين بالدولة، والدولة بالدين، إفساد لكل منهما، فلكل منهما عالمه الخاص، ومجاله الذاتي».
ومن وجهة نظري كقارئ وكاتب أحترم د. تركي الحمد، لكنني لا أتفق معه، لأن المقارنة التي وضعها غير متكافئة، لعدَّة أسباب سأذكر بعضها، وهي كما يأتي:
أولاً: مما يدل على علو مكانة العلم والعلماء عند الإسلام والمسلمين أن أول كلمة نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي كما في قوله تبارك وتعالى: {اقرأ}.
ثانياً: من الأخطاء الشائعة عند التفكير «إساءة التعميم»، فما انتهى إليه مفكرو أوروبا المشار إليهم في التغريدة، مثل: فولتير، وجان جاك روسو، ومونتيسيكو، وغيرهم، إنما كان محصلة لسياق فكري وديني خاص بأوروبا، ولا يصلح تعميمه على بلاد الإسلام والمسلمين، فلكل مجتمع تراثه وثقافته وعاداته وتقاليده التي تميزه عن المجتمعات الأخرى.
ثالثاً: الأصل في الإنسان الخيرية، وفيه استعداد للاستجابة لدواعي الخير ودواعي الشر، وفي مجال التربية، فالإسلام ينظر للإنسان على أنه خير، بعكس النصرانية التي تنظر للإنسان على أنه شرير، فالتربية لا تصلحه، وإنما يصلحه أن يؤمن بالمُخلِّص (عيسى عليه السلام).
رابعاً: تشير الكتب إلى أن فترة العصور الوسطى تمتد من القرن السادس وحتى القرن الثامن عشر، وهي فترة طويلة عرفت فيها البشرية يقظة ووعي عند المسلمين، وسبات غالباً وشبه صحوه أحياناً في أوروبا.
خامساً: أوروبا كانت تدين بالنصرانية التي تعرضت للتحريف والتبديل الذي انعكس أثره في كثير من المظاهر والمواقف، ومنها موقف النصرانية (ممثلة بالكنيسة) من العلم والمعرفة والذي يتمثل في أن المعرفة سبب شقاء الإنسان، استناداً إلى التفسير النصراني لخروج آدم وزوجه من الجنة، وأنه إنما كان بسبب استغلال إبليس لغريزة حب الاستطلاع عند الإنسان، حيث أغواه حتى أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها وهي في اعتقادهم «شجرة المعرفة» ومن ثم ترتب على أكله من شجرة المعرفة خروجه من الجنة وشقاؤه.
سادساً: ساد في المجتمع الأوروبي الخلط بين الجهل والقداسة، بل وتم اعتبار الجهل والقداسة شيئاً واحداً، ومن ذلك قول القديس أوغسطين «إن الجهلاء هم من يحظون بملكوت السماء».
سابعاً: اعتمد المجتمع الأوروبي على رجال الدين (البابا) كوسيط للتواصل بين الفرد والإله، فالتعليم لديهم ديني فقط لتعليم أفراد المجتمع الطاعة وعدم أعمال العقل، وإذا أراد الفرد أن يسأل البابا فليقدم له القربان ليجيب عن سؤاله، لذا ظهر فولتير وغيره من مفكري عصر التنوير لتوعية الناس بضرورة ألا يكون هناك وسيط (البابا) بين الإنسان والإله، أما نحن في مجتمعنا فلم نعانِ من هذه المشكلة، فأفراد المجتمع يستطيعون التواصل مع الله سبحانه وتعالى من غير أهل الدين من مشايخ وغيرهم، مع العلم بأن هناك مشايخ أفاضل معتدلين في الدين، وقربهم ذو فائدة، خصوصاً وأننا لسنا سوياً في فهم تعاليم الدين الإسلامي والذي يعد مصدر فخر وقوة لنا.
ثامناً: الفكر التربوي الإسلامي في فترة العصور الوسطى كان يشجع على العلم والتعلم والعلماء، في حين كان الفكر التربوي الأوروبي يحارب العلم والتعلم والعلماء، وللكنيسة الحق في التحكم في العلم والفكر، ومن أمثلة ذلك: محاربة الكنيسة لتجربة العالم جاليليو جاليلي حول مركزية الشمس ودوران الكواكب الأخرى بما فيها الأرض حولها.
تاسعاً: تبنت النصرانية فيزياء بطليموس (يوناني) التي ترى أن الأرض مركز الكون، وجعلتها جزءاً من عقائدها، فلما جاءت الثورة الكوبرنيكوسية (بولندي) التي نسفت كثيراً من مسلمات الفيزياء البطليموسية، ومن ثم أتى بعده جاليليو جاليلي (إيطالي)، وأثبت من خلال المناظير بأن الشمس هي محور الكون والكواكب الأخرى بما فيها الأرض تدور حولها، فدخلت الكنيسة في صراع دموي مع العلم والعلماء اصطبغت به الحياة الفكرية في العصور الوسطى الأوروبية، بينما كان المسلمون يعيشون في تلك الحقبة من التاريخ أزهى فترات تفوقهم العلمي وإسهامهم في صناعة تاريخ العلم والحضارة.
عاشراً: نمت حركة مضادة للبابا خلال عصر النهضة بين القرن الرابع عشر والقرن السادس عشر، منها حركة مارتن لوثر وفولتير وجان جاك روسو وجون لوك وغيرهم، مما نتج عنها تحول اهتمام أفراد المجتمع الأوروبي من روحانيات العالم الآخر إلى العالم الطبيعي بالاعتماد على المنهج العلمي والتجربة والملاحظة الدقيقة.
الحادي عشر: تأثر ديكارت بأفكار مارتن لوثر للتخلص من الوسطاء (البابا) بين الإنسان والإله، أو بين النفس والحقيقة المطلقة.
الثاني عشر: ظهرت الحركة البروتستانتية على يد مارتن لوثر كانشقاق عن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية التي سماها تعاليم الشيطان، لما رآه من ظلم وتحكم في حرية الفرد بألا يتواصل مع الإله بشكل مباشر، بل عن طريق الوسطاء (البابا)، أي إن البروتستانتية دعت لإعمال العقل بدلاً من تعطيله.
الثالث عشر: سعى اليوسوعيون، وهم جماعة دينية قادها القديس أغناطيوس، لدعم أفكار الكنيسة الكاثوليكية ضد انشقاق البروتستانت لتحقيق أهداف، وهي: توجيه نفس الإنسان نحو الطاعة العمياء لرؤساء الكنيسة، والإنسان ليس مطالباً بالبحث في أسرار الدين، والإنسان ليس مطالباً بمحاولة فهم ما كان مغلقاً عليه في الحياة.
الرابع عشر: أثرت الفلسفة الإغريقية (اليونانية) على الديانة النصرانية وذلك من خلال فصل الدين عن العلم، أي إنها أعلنت بدء العلمانية في المجتمع الأوروبي.
الخامس عشر: تنوعت مؤسسات التعليم في الدول الإسلامية في العصور الوسطى من كتاتيب (ككتاب أبي القاسم البلخي)، والقصور (كقصر الخليفة المعتصد بالله)، والمساجد (كالمسجد النبوي)، وحوانيت الوراقين (مكان يجتمع فيه المتكلمون كالجاحظ)، منازل العلماء (كمنزل ابن سينا، الغزالي)، المدارس (كالمدرسة البيهقية)، والمكتبات (كبيت الحكمة في بغداد، ودار الحكمة في القاهرة).
السادس عشر: أخذ الأوروبيون عن العرب منذ القرن العاشر أو الحادي عشر الأرقام الحسابية الهندسية التي حلت محل الرموز الرومانية المعقدة، ونقل عنهم علم الجبر، كما حول الأوروبيون مراصد العرب إلى مغارات لنواقيس كنائسهم، كما أقبل كثير من أساتذة الأوروبيين على دراسة فلسفة ابن رشد وابن سينا.
السابع عشر: لم تنل المرأة في المجتمع الأوروبي حقها كما ينبغي في عصر النهضة، فالرؤية السائدة لديهم أن السماء جعلت مكانة المرأة في المنزل، وأنه لا يجوز أن تنل حظها من التربية الحرة المتصلة بالحياة العامة، وأن جل نظرة الاهتمام نحو المرأة هي أن تعرف كيف تربي أبناءها وتخاطبهم باللغة اللاتينية.
الثامن عشر: تفوق الفكر التربوي الأوروبي على الفكر التربوي الإسلامي بعد أن حكم الأتراك (العثمانيين) بعض الدول الإسلامية، فكان الاهتمام بالتوسع والنفوذ، ما أدى لانخفاض مستوى التقدم والتطور في الفكر التربوي الإسلامي.
التاسع عشر: الفكرة التي يؤيدها د. تركي الحمد بفصل الدين عن الدولة، تشبه ما تقوم عليه دولة تركيا من فصل الدين عن الدولة (العلمانية) في نظام الدستور، ولكن ما نتائج ذلك على المجتمع التركي: خسائر اقتصادية، انخفاض العملة التركية، ضعف العلاقات السياسية مع بعض الدول الإسلامية والعربية، التدخل في شؤون الغير والتعدي على أوطانهم، طمع وجشع جعلهم يلهثون خلف كسب المال حتى وإن كان بغير وجه حق، انتشار الملاهي الليلية وبيوت الدعارة، وجود محلات لبيع المسكرات.. إلخ.
العشرون: تعتمد المملكة العربية السعودية في نظام الحكم على القرآن الكريم والسنة النبوية، واستطاعت بذلك أن تحقق إنجازات تنافس الدول العظمى، ومن ذلك: قادت الدول العظمى اقتصادياً في قمة مجموعة العشرين في الرياض، من أسرع دول G20 في الناتج المحلي، حققت المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول G20، حققت المركز الأول في سرعة 5G، وتقدمت في 13 مؤشراً من أصل 16 مؤشراً لتفعيل التعليم الإلكتروني حسب ما أشارت له منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، واحتلت الترتيب 17 من أصل 100 دولة في الدول الأكثر أماناً من فيروس كورونا، وحصل الجيش السعودي على المركز 17 على مستوى دول العالم من حيث القوة العسكرية، والمركز 4 على المستوى الإقليمي، وحصلت المملكة على المركز الأول في مؤشرات الأمن الدولية على مستوى دول العالم، وحققت المركز الأول عربياً، والمركز 22 عالمياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي.. إلخ من الإنجازات.
مما سبق.. مَن المجتمع الأفضل تقديراً للعلم والعلماء؟ هل هو المجتمع الإسلامي أم المجتمع الأوروبي؟ وهل كان تأثير الدين الإسلامي سلبياً على تقدم وتطور العلوم في المجتمع الإسلامي أم إيجابياً؟ أترك الإجابة لكم أعزائي القراء الأفاضل.
ختاماً.. دولة بلا دين، كالسفينة بلا بوصلة.
ومن وجهة نظري كقارئ وكاتب أحترم د. تركي الحمد، لكنني لا أتفق معه، لأن المقارنة التي وضعها غير متكافئة، لعدَّة أسباب سأذكر بعضها، وهي كما يأتي:
أولاً: مما يدل على علو مكانة العلم والعلماء عند الإسلام والمسلمين أن أول كلمة نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي كما في قوله تبارك وتعالى: {اقرأ}.
ثانياً: من الأخطاء الشائعة عند التفكير «إساءة التعميم»، فما انتهى إليه مفكرو أوروبا المشار إليهم في التغريدة، مثل: فولتير، وجان جاك روسو، ومونتيسيكو، وغيرهم، إنما كان محصلة لسياق فكري وديني خاص بأوروبا، ولا يصلح تعميمه على بلاد الإسلام والمسلمين، فلكل مجتمع تراثه وثقافته وعاداته وتقاليده التي تميزه عن المجتمعات الأخرى.
ثالثاً: الأصل في الإنسان الخيرية، وفيه استعداد للاستجابة لدواعي الخير ودواعي الشر، وفي مجال التربية، فالإسلام ينظر للإنسان على أنه خير، بعكس النصرانية التي تنظر للإنسان على أنه شرير، فالتربية لا تصلحه، وإنما يصلحه أن يؤمن بالمُخلِّص (عيسى عليه السلام).
رابعاً: تشير الكتب إلى أن فترة العصور الوسطى تمتد من القرن السادس وحتى القرن الثامن عشر، وهي فترة طويلة عرفت فيها البشرية يقظة ووعي عند المسلمين، وسبات غالباً وشبه صحوه أحياناً في أوروبا.
خامساً: أوروبا كانت تدين بالنصرانية التي تعرضت للتحريف والتبديل الذي انعكس أثره في كثير من المظاهر والمواقف، ومنها موقف النصرانية (ممثلة بالكنيسة) من العلم والمعرفة والذي يتمثل في أن المعرفة سبب شقاء الإنسان، استناداً إلى التفسير النصراني لخروج آدم وزوجه من الجنة، وأنه إنما كان بسبب استغلال إبليس لغريزة حب الاستطلاع عند الإنسان، حيث أغواه حتى أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها وهي في اعتقادهم «شجرة المعرفة» ومن ثم ترتب على أكله من شجرة المعرفة خروجه من الجنة وشقاؤه.
سادساً: ساد في المجتمع الأوروبي الخلط بين الجهل والقداسة، بل وتم اعتبار الجهل والقداسة شيئاً واحداً، ومن ذلك قول القديس أوغسطين «إن الجهلاء هم من يحظون بملكوت السماء».
سابعاً: اعتمد المجتمع الأوروبي على رجال الدين (البابا) كوسيط للتواصل بين الفرد والإله، فالتعليم لديهم ديني فقط لتعليم أفراد المجتمع الطاعة وعدم أعمال العقل، وإذا أراد الفرد أن يسأل البابا فليقدم له القربان ليجيب عن سؤاله، لذا ظهر فولتير وغيره من مفكري عصر التنوير لتوعية الناس بضرورة ألا يكون هناك وسيط (البابا) بين الإنسان والإله، أما نحن في مجتمعنا فلم نعانِ من هذه المشكلة، فأفراد المجتمع يستطيعون التواصل مع الله سبحانه وتعالى من غير أهل الدين من مشايخ وغيرهم، مع العلم بأن هناك مشايخ أفاضل معتدلين في الدين، وقربهم ذو فائدة، خصوصاً وأننا لسنا سوياً في فهم تعاليم الدين الإسلامي والذي يعد مصدر فخر وقوة لنا.
ثامناً: الفكر التربوي الإسلامي في فترة العصور الوسطى كان يشجع على العلم والتعلم والعلماء، في حين كان الفكر التربوي الأوروبي يحارب العلم والتعلم والعلماء، وللكنيسة الحق في التحكم في العلم والفكر، ومن أمثلة ذلك: محاربة الكنيسة لتجربة العالم جاليليو جاليلي حول مركزية الشمس ودوران الكواكب الأخرى بما فيها الأرض حولها.
تاسعاً: تبنت النصرانية فيزياء بطليموس (يوناني) التي ترى أن الأرض مركز الكون، وجعلتها جزءاً من عقائدها، فلما جاءت الثورة الكوبرنيكوسية (بولندي) التي نسفت كثيراً من مسلمات الفيزياء البطليموسية، ومن ثم أتى بعده جاليليو جاليلي (إيطالي)، وأثبت من خلال المناظير بأن الشمس هي محور الكون والكواكب الأخرى بما فيها الأرض تدور حولها، فدخلت الكنيسة في صراع دموي مع العلم والعلماء اصطبغت به الحياة الفكرية في العصور الوسطى الأوروبية، بينما كان المسلمون يعيشون في تلك الحقبة من التاريخ أزهى فترات تفوقهم العلمي وإسهامهم في صناعة تاريخ العلم والحضارة.
عاشراً: نمت حركة مضادة للبابا خلال عصر النهضة بين القرن الرابع عشر والقرن السادس عشر، منها حركة مارتن لوثر وفولتير وجان جاك روسو وجون لوك وغيرهم، مما نتج عنها تحول اهتمام أفراد المجتمع الأوروبي من روحانيات العالم الآخر إلى العالم الطبيعي بالاعتماد على المنهج العلمي والتجربة والملاحظة الدقيقة.
الحادي عشر: تأثر ديكارت بأفكار مارتن لوثر للتخلص من الوسطاء (البابا) بين الإنسان والإله، أو بين النفس والحقيقة المطلقة.
الثاني عشر: ظهرت الحركة البروتستانتية على يد مارتن لوثر كانشقاق عن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية التي سماها تعاليم الشيطان، لما رآه من ظلم وتحكم في حرية الفرد بألا يتواصل مع الإله بشكل مباشر، بل عن طريق الوسطاء (البابا)، أي إن البروتستانتية دعت لإعمال العقل بدلاً من تعطيله.
الثالث عشر: سعى اليوسوعيون، وهم جماعة دينية قادها القديس أغناطيوس، لدعم أفكار الكنيسة الكاثوليكية ضد انشقاق البروتستانت لتحقيق أهداف، وهي: توجيه نفس الإنسان نحو الطاعة العمياء لرؤساء الكنيسة، والإنسان ليس مطالباً بالبحث في أسرار الدين، والإنسان ليس مطالباً بمحاولة فهم ما كان مغلقاً عليه في الحياة.
الرابع عشر: أثرت الفلسفة الإغريقية (اليونانية) على الديانة النصرانية وذلك من خلال فصل الدين عن العلم، أي إنها أعلنت بدء العلمانية في المجتمع الأوروبي.
الخامس عشر: تنوعت مؤسسات التعليم في الدول الإسلامية في العصور الوسطى من كتاتيب (ككتاب أبي القاسم البلخي)، والقصور (كقصر الخليفة المعتصد بالله)، والمساجد (كالمسجد النبوي)، وحوانيت الوراقين (مكان يجتمع فيه المتكلمون كالجاحظ)، منازل العلماء (كمنزل ابن سينا، الغزالي)، المدارس (كالمدرسة البيهقية)، والمكتبات (كبيت الحكمة في بغداد، ودار الحكمة في القاهرة).
السادس عشر: أخذ الأوروبيون عن العرب منذ القرن العاشر أو الحادي عشر الأرقام الحسابية الهندسية التي حلت محل الرموز الرومانية المعقدة، ونقل عنهم علم الجبر، كما حول الأوروبيون مراصد العرب إلى مغارات لنواقيس كنائسهم، كما أقبل كثير من أساتذة الأوروبيين على دراسة فلسفة ابن رشد وابن سينا.
السابع عشر: لم تنل المرأة في المجتمع الأوروبي حقها كما ينبغي في عصر النهضة، فالرؤية السائدة لديهم أن السماء جعلت مكانة المرأة في المنزل، وأنه لا يجوز أن تنل حظها من التربية الحرة المتصلة بالحياة العامة، وأن جل نظرة الاهتمام نحو المرأة هي أن تعرف كيف تربي أبناءها وتخاطبهم باللغة اللاتينية.
الثامن عشر: تفوق الفكر التربوي الأوروبي على الفكر التربوي الإسلامي بعد أن حكم الأتراك (العثمانيين) بعض الدول الإسلامية، فكان الاهتمام بالتوسع والنفوذ، ما أدى لانخفاض مستوى التقدم والتطور في الفكر التربوي الإسلامي.
التاسع عشر: الفكرة التي يؤيدها د. تركي الحمد بفصل الدين عن الدولة، تشبه ما تقوم عليه دولة تركيا من فصل الدين عن الدولة (العلمانية) في نظام الدستور، ولكن ما نتائج ذلك على المجتمع التركي: خسائر اقتصادية، انخفاض العملة التركية، ضعف العلاقات السياسية مع بعض الدول الإسلامية والعربية، التدخل في شؤون الغير والتعدي على أوطانهم، طمع وجشع جعلهم يلهثون خلف كسب المال حتى وإن كان بغير وجه حق، انتشار الملاهي الليلية وبيوت الدعارة، وجود محلات لبيع المسكرات.. إلخ.
العشرون: تعتمد المملكة العربية السعودية في نظام الحكم على القرآن الكريم والسنة النبوية، واستطاعت بذلك أن تحقق إنجازات تنافس الدول العظمى، ومن ذلك: قادت الدول العظمى اقتصادياً في قمة مجموعة العشرين في الرياض، من أسرع دول G20 في الناتج المحلي، حققت المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى دول G20، حققت المركز الأول في سرعة 5G، وتقدمت في 13 مؤشراً من أصل 16 مؤشراً لتفعيل التعليم الإلكتروني حسب ما أشارت له منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، واحتلت الترتيب 17 من أصل 100 دولة في الدول الأكثر أماناً من فيروس كورونا، وحصل الجيش السعودي على المركز 17 على مستوى دول العالم من حيث القوة العسكرية، والمركز 4 على المستوى الإقليمي، وحصلت المملكة على المركز الأول في مؤشرات الأمن الدولية على مستوى دول العالم، وحققت المركز الأول عربياً، والمركز 22 عالمياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي.. إلخ من الإنجازات.
مما سبق.. مَن المجتمع الأفضل تقديراً للعلم والعلماء؟ هل هو المجتمع الإسلامي أم المجتمع الأوروبي؟ وهل كان تأثير الدين الإسلامي سلبياً على تقدم وتطور العلوم في المجتمع الإسلامي أم إيجابياً؟ أترك الإجابة لكم أعزائي القراء الأفاضل.
ختاماً.. دولة بلا دين، كالسفينة بلا بوصلة.