يردد كثير من أفراد مجتمعنا، وبالذات في الجزء الغربي منه، مقولة «الجبن سيد النواشف»، حيث كان معظمهم يطبخون وجبة واحدة، وهي وجبة الغذاء، وأذكر أنهم يطبخون عدة أنواع يضعونها على المائدة المصنوعة من الخصف، والطبخة بأيدي أهل البيت، مفيش شغل بره.
وعادة تكون الطبخة كافية لهذه الوجبة فقط، فقدر صغير فيه شوية بامية، والثاني فيه «المعرق»، وهو لحم مع طماطم، يطبخ على نار هادئة عشان يتسبك، وقدر أصغر فيه حبتين فاصوليا ناشفة، وربما شوية ملوخية، وصحن رز أبيض وربطة خبز، أو كما كانوا يسمونها «كورجة خبز»، الذي تحب تشم ريحته الجميلة النفاذة ولو «عن بُعد»، خاصة لما تشتريه حار من الفرن وطازة حقت زمان، مش زي دي الأيام «الطازة ضايعة»، ريحة تخليك ما تمسك نفسك، وربما تاكل القرص حاف قبل ما يوضع باقي الطعام.
وتتلم الأسرة على السفرة، التي عادة تكون مستديرة، يعني هم عرفوا المستديرة قبل ما يتخاصم زعماء العالم المتقدم على من يجلس على صدر الطاولة، ثم اتفقوا على أن تكون مستديرة، ومن يومها ما اتفقوا إلا على هذا الحل، المهم تسمي الأسرة بالله ويبدأون، ويغرفون شوية من هذا القدر وشوية من الثاني، خاصة إذا غرفت الملوخية وحطيت عليها شوية معرق «اللحم مع المرق القليل»، انتبه على قولهم راح تاكل أصابعك معاها من روعة مذاقها وطيب طبخها، طبعا لحمة من الخروف التي من الجزار للقدر وإلى معدة المستهلك، ما في ثلاجة وتجميد ولحم بايت، وبينهما فقط الطباخة، يعني من الجزار ليد ست البيت اللي نفسها في الأكل فشر ولا أجدع شيف فرنسي أو إيطالي.
وبعد ما يُخلصوا تكون الصحون كلها زي الصيني بعد غسله، طبعا ما كان في صيني ولا ياباني، كان كله شينكو على قد الحال، وفي الليل أبدا ما ياكلوا زفر، فقط نواشف: الحلاوة الطحينية والزيتون والجبنة، التي هي حاضرة وثابتة على سفرة العشاء مهما تغيرت وتعددت النواشف.
وذكرتني هذه بأغنية وديع الصافي «الله يرضا عليك يا ابني، ظهري انكسر والهم دوبني»، وهو ينصح ابنه ما يتجوز إلا على ابنة القرية (ليلى)، التي إن ساءت الأيام بتعيش على الزيتون و«الجبني»، وإذا أرادت العيلة أن تبعزق شوية، فملعقتين فول ولا زبدية صغيرة فيها معصوب، وبراد شاي عليه اشكي، لأنه وقتها يحلا الكلام ويفضفض الواحد لمن معه على صفيرة الحكم، أقصد على صفيرة الكافتيريا، إيذانا بأن الموية فارت، وحان وقت الشاي المتقون، بدون حبق ولا ليمون، ويا حلاته وأنت تغمس بالجبن أو الفول، وترش عليه شوية دقة من اللي بالي بالك، وأرشف عليه جغمة «رشفة» شاي معتبر.
المهم هذا عن الجبن البلدي والبلغاري وغيره، ولكن الجبن الذي نحن بصدده هو الخوف، الذي يصيب كثيرا من الذين يرتجفون عند حسم قرار أو تصرف يتجمل بروح النظام، ولكن لا يخالفه، فقط يحتاج إلى فهم تفاصيله ومعانيه، لتيسير حوائج الناس، فهؤلاء التردد سيمتهم وشيمتهم، لأنهم من السادة السلبيين ضعيفي الإرادة، وشعار الواحد منهم «أنا مالي ومال الروتين» يقول كدا ويفسر النظام بطريقته السلبية، ويكمل وهو يؤشر بيده للمراجع، بما يعني أنه مالك «سنع» اقضب الباب، وخليهم يا عمي يقولوا جبان، ولا عظم الله أجركم في فلان.
وعادة تكون الطبخة كافية لهذه الوجبة فقط، فقدر صغير فيه شوية بامية، والثاني فيه «المعرق»، وهو لحم مع طماطم، يطبخ على نار هادئة عشان يتسبك، وقدر أصغر فيه حبتين فاصوليا ناشفة، وربما شوية ملوخية، وصحن رز أبيض وربطة خبز، أو كما كانوا يسمونها «كورجة خبز»، الذي تحب تشم ريحته الجميلة النفاذة ولو «عن بُعد»، خاصة لما تشتريه حار من الفرن وطازة حقت زمان، مش زي دي الأيام «الطازة ضايعة»، ريحة تخليك ما تمسك نفسك، وربما تاكل القرص حاف قبل ما يوضع باقي الطعام.
وتتلم الأسرة على السفرة، التي عادة تكون مستديرة، يعني هم عرفوا المستديرة قبل ما يتخاصم زعماء العالم المتقدم على من يجلس على صدر الطاولة، ثم اتفقوا على أن تكون مستديرة، ومن يومها ما اتفقوا إلا على هذا الحل، المهم تسمي الأسرة بالله ويبدأون، ويغرفون شوية من هذا القدر وشوية من الثاني، خاصة إذا غرفت الملوخية وحطيت عليها شوية معرق «اللحم مع المرق القليل»، انتبه على قولهم راح تاكل أصابعك معاها من روعة مذاقها وطيب طبخها، طبعا لحمة من الخروف التي من الجزار للقدر وإلى معدة المستهلك، ما في ثلاجة وتجميد ولحم بايت، وبينهما فقط الطباخة، يعني من الجزار ليد ست البيت اللي نفسها في الأكل فشر ولا أجدع شيف فرنسي أو إيطالي.
وبعد ما يُخلصوا تكون الصحون كلها زي الصيني بعد غسله، طبعا ما كان في صيني ولا ياباني، كان كله شينكو على قد الحال، وفي الليل أبدا ما ياكلوا زفر، فقط نواشف: الحلاوة الطحينية والزيتون والجبنة، التي هي حاضرة وثابتة على سفرة العشاء مهما تغيرت وتعددت النواشف.
وذكرتني هذه بأغنية وديع الصافي «الله يرضا عليك يا ابني، ظهري انكسر والهم دوبني»، وهو ينصح ابنه ما يتجوز إلا على ابنة القرية (ليلى)، التي إن ساءت الأيام بتعيش على الزيتون و«الجبني»، وإذا أرادت العيلة أن تبعزق شوية، فملعقتين فول ولا زبدية صغيرة فيها معصوب، وبراد شاي عليه اشكي، لأنه وقتها يحلا الكلام ويفضفض الواحد لمن معه على صفيرة الحكم، أقصد على صفيرة الكافتيريا، إيذانا بأن الموية فارت، وحان وقت الشاي المتقون، بدون حبق ولا ليمون، ويا حلاته وأنت تغمس بالجبن أو الفول، وترش عليه شوية دقة من اللي بالي بالك، وأرشف عليه جغمة «رشفة» شاي معتبر.
المهم هذا عن الجبن البلدي والبلغاري وغيره، ولكن الجبن الذي نحن بصدده هو الخوف، الذي يصيب كثيرا من الذين يرتجفون عند حسم قرار أو تصرف يتجمل بروح النظام، ولكن لا يخالفه، فقط يحتاج إلى فهم تفاصيله ومعانيه، لتيسير حوائج الناس، فهؤلاء التردد سيمتهم وشيمتهم، لأنهم من السادة السلبيين ضعيفي الإرادة، وشعار الواحد منهم «أنا مالي ومال الروتين» يقول كدا ويفسر النظام بطريقته السلبية، ويكمل وهو يؤشر بيده للمراجع، بما يعني أنه مالك «سنع» اقضب الباب، وخليهم يا عمي يقولوا جبان، ولا عظم الله أجركم في فلان.