أم عبدالرحمن أقدم نزيلة أوصت باقتناص اللحظات الجميلة في الحياة
في الوقت الذي تتوجه فيه الأسر إلى وجهات عدة لقضاء فترة العيد، آثرت بعض الفتيات أن يقضين جزءا من وقتهن مع نزيلات الأربطة، لإشعارهن بدفء الأسرة، وأنهن لا يزلن موجودات في خاطر المجتمع.
وتسابقت الشابات المتطوعات، اللائي رفضن ذكر أسمائهن لـالوطن التي كانت مصاحبة لهن في زيارتهن لعدد من الأربطة، في تقديم الهدايا المختلفة إلى جانب حلويات العيد لهؤلاء النسوة، اللاتي اضطرتهن ظروفهن إلى البقاء بعيدا عن المجتمع.
وعلى الرغم من عيش المسنات وحدهن، إلا أنهن كيّفن أوضاعهن، وأصبحن كأسرة واحدة، حيث استقبلتنا الخالة أم خالد التي تبلغ من العمر 84 عاما، بوجه بشوش، مرددة مرحبا وحياكن الله، واصفة حالها بأنه بنعمة وخير، ما دام الله يرعاها، ولا تغفلها الأيادي البيضاء من فاعلي الخير.
وأشارت إلى زيارة فتيات متطوعات لهن بصفة مستمرة، مقدمات هدايا ومستلزمات معيشية، وقالت أإنها لجأت تسكن في الرباط منذ 23 عاما بعد وفاة ثلاثة من أبنائها في حادث مروري، مضيفة: بعد أربع سنوات لحق بهم ابني الأصغر، الذي كان يعمل بالخطوط السعودية، لافتة إلى وجود عدد كبير من الأقارب وذوي الرحم، وأنها تفضل السكن بعيدا عنهم حتى لا تشعر بأنها عبء عليهم.
وتشير أم عبد الرحمن أقدم نزيلة في رباط الولايا الذي يعد أقدم الدور الإيوائية، وأسسه الشيخ محمد باديب، إلى أنها تفتقد للحياة الأسرية بعد وفاة جميع أبنائها وزوجها ووالديها، مفيدة بأن فاعلات الخير زرن جميع الساكنات، وقدمن المؤن اللازمة لشهر رمضان، وأنهن قدمن لهن الملابس في العيد.
وأوصت الشابات المتطوعات باقتناص اللحظات الجميلة في الحياة، وعدم الانشغال بمشاكل الحياة ومنغصاتها، شاكرة ربها على ما هي فيه، لأن حالها أفضل بكثير من آخرين.
وبابتسامة رقيقة عبرت مسنة وافدة من إحدى دول الجوار عن فرحتها، قائلة :إن فرحتي بزيارتكن لا توصف، مسترجعة فترة من حياتها الماضية، حيث كان بيتها يمتلئ بالمهنئين في العيد، مشيرة إلى أن زوجها كان تاجرا معروفا، وترك لها مالا وإرثا كبيرا، لكن تقلبات الزمن كانت أكبر من أن تحفظ لها حياتها بعد وفاة زوجها، وتقاسم أبنائها الميراث.
وأضافت أن بعضا من أبنائها يعيشون خارج المملكة، وأن إصابتها بمرض القلب منعتها من العيش في بلدها، وأنها فضلت البقاء داخل الرباط، مؤكده أنها تلقى رعاية كاملة من أهل الخير.
وأثنت أم ريان أصغر نزيلة التي تبلغ 24 عاما وهي مطلقة، على ما قدمته فاعلات الخير من هدايا ومؤن للعيد،
مشيرة إلى أنها والساكنات معها استقبلن رمضان بفرحة كبيرة، حيث كانت ترد إليهن الوجبات الطازجة قبل الإفطار والسحور.
وفي إحدى الغرف لرباط الولايا كانت النزيلات يحتفلن على طريقتهن الخاصة بيوم العيد، فكانت أم علي تعد وجبة الدبيازة، وتعاونها في جلب المكونات جارتها الأرملة سعدية البالغة من العمر 76 عاما، التي تشير إلى أن حالتهن الاجتماعية أفضل من الخارج، وأن العيش مع رفيقاتها بالرباط، وتلقيها مساعدات من فاعلي الخير وفر لها الاحتفاظ بكرامتها، وأعفاها من التنقل بين بيوت أقاربها، أو التسول.
من ناحيته، يؤكد الباحث والمفكر الإسلامي أحمد العمري أن الإسلام كفل رعاية الأرامل والمطلقات، وأن أول وقف أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم بـ مسجد قباء، مشيرا إلى أن الإسلام فتح منابع عديدة لنفع الآخرين منها الزكاة والكفارات والوقف والأعمال التطوعية.
وأضاف أن زيارة المتطوعات لنزيلات الأربطة يؤكد أن بنات وسيدات المملكة يتحلين بصفات طيبة، ويتفاعلن مع المحتاجين، تحقيقا للحديث الشريف، حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.