الحرب الشرسة التي يقودها بعض الرجال ضد المرأة، والتي تهدف إلى إعاقة المرأة وعرقلتها في طريق الحصول على حقوقها كاملة، وزعزعة همتها لنيل حريتها التي كفلها لها الإسلام، هذه الحرب لا تنطلق بالضرورة من وجهة نظر شرعية أو دينية، بل هي للحصول على الأمان الذي فقده الرجل بسبب وعي المرأة وثقتها بنفسها وإقدامها على المطالبة بحقوقها. فالمجتمع الذكوري الذي يمارس ضغطا نفسيا على المرأة، ويلجأ إلى تشويه سمعتها إن أخلت بأحد البنود التي فرض عليها الالتزام بها باسم العادات والتقاليد والأعراف، لم تعد تكترث له، ورفضت تقييدها باسم العادة والتقليد.
والوالد المستبد الذي يعضل ابنته ويتسلط على راتبها ويطالبها بالخنوع حتى لا يتهمها بالعقوق، لم يعد يستطيع النوم قرير العين كما كان قبل عصر انتفاضة المرأة، بل يراوده الآن شبح تمرد ابنته ولجوئها إلى جهات حقوقية لإنصافها، والزوج الذي يسيء معاملة زوجته لفظا أو سلوكا، بات مدركا أنه قد يصحو يوما ما على دعوى قضائية تطالبه فيها زوجته بالطلاق، فلم يعد شبح الطلاق يخيفها، ولا يستطيع زوج ظالم مساومتها على كرامتها وإنسانيتها، بل قد يصل الأمر إلى أبعد من هذا بكثير، كما حدث مع هذه المرأة التي قرأت لها خبرا يميل إلى الطرافة مفاده أن امرأة من سكان الشرقية تقدمت بدعوى للطلاق، تطلب فيها الخلع من زوجها بسبب إنجابها للبنات دون الذكور، ورغم طرافة الخبر غير المألوف بالنسبة لنا، وبالرغم من قوله تعالى في سورة الشورى: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور)، إلا أنها استندت في دعواها على أن الرجل هو المسؤول عن تحديد جنس الجنين، وكأنها تقول بيدي لا بيد عمرو، فنحن في الغالب نسمع أن الرجل هو الذي يتزوج على زوجته أو حتى يطلقها في حال إنجابها للبنات، ولعل هذه المرأة خشيت أن تلاقي ذات المصير من تهديد زوجها لها بالزواج عليها إن أنجبت بنتا. فأرادت على ما يبدو أن توجه له ضربة استباقية، وتغادر بكرامتها.
اللافت في الأمر أن المحكمة ستقع في حيرة في موضوع هذه الدعوى الشائكة، فالطب الحديث يؤكد أن الرجل بالفعل هو المسؤول عن تحديد جنس الجنين ذكرا كان أو أنثى. ترى، هل ستقدم على مثل هذه الدعوى امرأة خانعة ضعيفة، أسلمت أمرها ليد رجل، ترى أن له الحق أن يبقيها أو أن يطلقها متى شاء؟