مسألة الزواج من طفلة، في هذا العصر، تبدو لي وللكثيرين من الأشياء المقززة بدهياً، حتى من دون الاضطرار إلى بلورة الحجج، أو تجهيز الأدلة.
الزواج له معنى مختلف عن الذي يمارس في الزواج من طفلة. الإنسان يتزوج ليس لإشباع الغريزة فقط، وإنما لتكافؤ في التفكير، ولتقاربٍ في السن، وللشعور بالسكنى والسعادة والألفة. الذين يؤيدون تزويج الطفلة ينطلقون من فهمٍ قاصر جداً لمعاني الزواج. وأريد أن أسأل سؤالاً واضحاً ومباشراً ما الذي يتحقق من متطلبات الزواج حين يتزوج الرجل طفلة؟! الجواب: لا شيء، إلا انتهاك الطفولة واغتصاب حياة غضة، وتدمير مستقبل كائنٍ حي بالكاد يتلمس طرق الحياة.
أن تؤخذ طفلة صغيرة من ألعابها، وقد كانت وادعةً مطمئنةً في بيت والديها، وهي لم تعرف الحياة بعد، حدود وعيها جدران غرفتها وألوان عرائسها، أن تؤخذ هذه الطفلة لتوضع بين ذراعي رجلٍ انجرفت رغباته عن الزواج الطبيعي، ليتوجه إلى الزواج من طفلة، هذا الفعل لابد له من حلٍ قانوني جذري، وأن يعاقب الأب إن هو زوج طفلته، بحيث تدرج هذه الفعْلة ضمن الاتجار بالبشر، وأتمنى من المحامين والمختصين أن يصعدوا في هذه القضية حتى يخرج بها القانون الشافي.
وألا نكرر ما كان بعض المهووسين بالصغيرات يرددونه في كلمتهم الشهيرة: بنت ثمان وعليّ الضمان وكأنه يبيع ساعة أو غسالة أو ثلاجة!
في ورشة عمل الاتجار بالبشر التي نظمتها الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بجدة التي عقدت في 22 أبريل، أثارت مطالبة بعض الحضور بإدراج زواج القاصرات ضمن أنظمة الاتجار بالبشر، جدلا بين المشاركين بين مؤيد ومعارض. وذكرت الوطن أن :أستاذ القانون المدير التنفيذي لمشروع الحماية بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكينز الأميركية سرد قصصاً لعقوبات جزائية بالسجن والغرامة بحق رجال طبقت ضدهم أحكاما قضائية كعقوبة جرائم تشبه جرائم الاتجار بالبشر بسبب تجاهلهم نظام وقانون الزواج من قاصر، مشيرا إلى أنه في إحدى الدول العربية حكمت المحكمة غيابيا بالسجن 10 سنوات على مسن تزوج بفتاة قاصر لم تبلغ سن 14 عاما، وكذلك سجن الأب والأم والمحامي الذي عقد النكاح.
قال أبو عبد الله غفر الله له: ليت تزويج القاصرات يدرج بشكلٍ عاجل ضمن الاتجار بالبشر الذي يعاقب عليه القانون، وأن يوضع من لديه الرغبة بالصغيرات ضمن حيز العلاج النفسي المكثف، لئلا تكون الفتيات البريئات مصائد لشهوات منفّرةٍ ومقززة، لا علاج لها إلا بالقانون والطب النفسي. والله المستعان.