قابلته وقد ضربت السعادة أطنابها على محياه.. بدت الابتسامة عالقة بنصف وجهه السفلي، متأنقا.. بعد أن جلس حدثني بثقة: أيها المسكين هل ما زلت عزوبياً؟ لا تجبني فوجهك يفعل ذلك وهو يشبه وجه من غص للتو بشيء ما، لم تتغير ملامحك، ذاتها الغائبة عن البهجة، المثيرة للشفقة.. كنت مثلك أستيقظ بوقت لا أعرفه، أصرف وقتاً شاسعاً للبحث عن طاقيتي، يعاملني الزملاء بالعمل كناقص أهلية، يشفقون عليّ حين لا يضعون اسمي بجدول القهوة الأسبوعي، يدسون حكاياتهم حين وجودي بينهم حفاظاً على أخلاقي من الانزلاق.. ويأتي السؤال الأزلي يطرقني: متى ستتزوج؟ أبناء من هم مثلك اقتربوا من طولك؟ تتداخل الأيام ببعضها، يشاركني سريري كل ما يمكن لك تخيله، ليس آخرها حذائي الذي لا أعلم كيف تسلق هناك.. كانت حياتي أشبه بشنطة كهربائي.
أما الآن فأكاد أقبّل الحياة من تفاقم البهجة بي، أقول لنفسي: لم لا يتزوج كل السياسيين بهذا العالم الذي تعتصره الكراهية؟ ستكون النتائج مدهشة اختفى بعدها عن المشهد، قابلته بعد أشهر من الحكاية أعلاه.. نظر إلي، شعرت بأنه على وشك أن يحفر رأسه بيده، بدت كلماته باردة وهو يقول: ما الذي فعلته؟ زواج؟ أين كان يختبئ عقلي حينها؟ لا أشك أني كنت مسيراً من قوى خارقة للطبيعة، ما هذه الورطة التي دفنت نفسي بها؟ لا يمكنني التراجع بعد أن طرحت أطفالاً بهذا العالم أصبحت أباً، أنا أصبحت أباً؟ أقترب من خط الكهولة وأنا لم أتخط نصف عمري التقريبي.. تعيس، بل إن التعاسة تتبرأ مني.. ليتني أستطيع إعادة شريط ما حدث، والله لأفِرّنّ مما ارتكبت فرار الراحة مني هذه الأيام، الآن وحسب فهمت لِمَ يفتعل السياسيون الحروب بهذا العالم المغلوب على أمره، الآن فقط عرفت!