الرياض: الوطن

أشار 91.1% من المعلمين في المملكة إلى أن إتاحة التعليم دخلا مضمونا شجعهم على اختياره كمهنة، ورأى 94% منهم أن مما شجعهم على اختيار المهنة أن التعليم يتيح فرصة للتأثير في تطور الأطفال والشباب، وقال على الأقل 9 من كل 10 معلمين في المملكة إن قرار اختيار التعليم كمهنة تأثر بكون التعليم يتيح للمعلم تقديم إسهامات للمجتمع، فكان هذا ثاني أهم دافع لاختيار مهنة التعليم بعد الدافع المتعلق بالإسهام في تطوير الأطفال والشباب.

وقارنت دراسة حديثة، المستوى التعليمي عند المعلمين الذكور والإناث في المملكة، ولاحظت وجود تقارب نسبي بين المعلمين (91.5%) والمعلمات (94.1%) في درجة البكالوريوس، في حين بلغت نسبة حملة درجة الماجستير من المعلمين 6.2% وهي ضعف النسبة لدى المعلمات البالغة 3.1%، وفي المقابل يحمل درجة الماجستير 4 من كل 10 معلمين في «تالس» كما يحمل درجة الماجستير 9 من كل 10 من معلمي فنلندا.

ووفقاً لتقرير اطلعت عليه «الوطن» وجاء بعنوان «مهنة التعليم وقيمتها في نظر المعلمين وقادة المدارس» المتضمنة بياناته ضمن مشاركة المملكة في المسح الدولي للتعليم والتعلم (TALIS 2018) والذي حللته وأعدته حديثاً الإدارة العامة للبحوث والابتكار في هيئة تقويم التعليم والتدريب، وبالتعاون مع المركز الوطني للقياس بالتنسيق مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن 9 على الأقل من كل عشرة معلمين في المملكة لا يتجاوز تعليمهم درجة البكالوريوس، بينما يشكل الحاصلون على درجة الماجستير 6 من كل 100 في أحسن الأحوال.

لا فرق في الرواتب

تبرر الدكتورة هيفاء الدعلان هذا التباين في النسبة بين الذكور والإناث، وتقول «أعمل في التطوير المهني التعليمي وجزء منه الإيفاد، وقد سُهّلت الإجراءات جداً وتغيرت معايير الإيفاد والابتعاث بما يتيح الدراسة للجميع، ولكن حوافز المعلم الحاصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه لا توازي شيئا من التعب والجهد للحصول على الدرجة العلمية، وعن تجربة شخصية أجبرت على العودة إلى التدريس بعد حصولي على الدكتوراه لأنه لا فرق بيني وبين المعلم الحامل للبكالوريوس، وحتى رواتبنا متقاربة، وإن حصلت على المستوى السادس».

بدورها، تقول الدكتورة نادية الشهراني «فرص الاستمرار في التحصيل العلمي بعد الحصول على البكالوريوس عند الرجال أكثر مرونة منها عند السيدات لاعتبارات أسرية واجتماعية كرعاية الأبناء والتفرغ للمسؤوليات الأسرية، وهذا يتوافق مع نظرية أخلاقيات الرعاية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمهات».

وتضيف «ربما تكون أرقام من يلتحقون بالبرامج العليا ويحصلون على الماجستير/ الدكتوراه متقاربة عند الجنسين، لكن فرص تسرب المعلمات من التعليم العام إلى التعليم الجامعي أو المناصب الإدارية أسهل من الرجال، وفي هذه الحالة يجب معرفة هذه المعلومة لكي نحكم على الأرقام بشكل صحيح بعيدا عن التضليل الإحصائي».

وتكمل «قد يتسبب غياب الحوافز المادية والمعنوية في إحجام المعلمات عن استكمال دراستهن لأن الدرجة العلمية الإضافية لا تحسن أوضاعهن المادية ولا تحتسب في الترقية».

وتعلق الشهراني «نسبة الحاصلين على الماجستير منخفضة جدا مقارنة بدول العالم، ويجب تداركها في حال أرادت الوزارة فعلا إسناد التدريس في المراحل العامة لحملة الماجستير فأعلى».

تمكين قادة المدارس

في وقت أبدى 47.6% من قادة المدارس الذكور و53.8% من قادة المدارس الإناث في المملكة رضاهم فيما يتعلق بمهنة القيادة المدرسية من واجبات وشروط مثل الدوام والمزايا، أبدى 9 لكل 10 على الأقل من القادة في المملكة حاجتهم إلى مزيد من الدعم من إدارة التعليم والوزارة، في حين أن نصف القادة الذكور أكدوا عدم قدرتهم على التأثير في القرارات الهامة المتعلقة بعملهم.

وتعلق الشهراني «تثبت الدراسات التربوية المتواترة في مختلف البيئات أن تمكين القادة في المدارس يحسن أداءهم وقدرتهم على التأثير في الفريق وإلهام الطلاب مما يحسن أداء المدرسة بشكل عام. ولهذا فتمكين القادة يساعد المخططين لإصلاح التعليم على إنجاز خططهم وتحقيق أهدافهم القريبة والبعيدة».

وأبانت الدراسة أن معظم المعلمين في المملكة يرون أنهم قد أعدوا لمهنة التعليم إعداداً جيداً أو جيداً جداً قبل الخدمة، وأفاد غالبية المعلمين في المملكة (77.8%) بأن بعض طرق التدريس للمواد التي يدرسونها سبق وأن قدمت لهم في تعليمهم الرسمي، بما في ذلك الإعداد الأولي للمعلم.

كما أفاد 71.9% من المعلمين في المملكة بأنهم قد أعدوا إعداداً جيداً أو جيداً جداً على كيفية توظيف التقنية في التدريس مقارنة مع نسبة 49.6% من المعلمين في «تالس».

وتمتع المعلمون في المملكة بمتوسط ساعات عالٍ (3.1 ساعة في الأسبوع) في التطوير المهني مقارنة مع «تالس» (ساعتين) فقط.

وترى الشهراني أن «ثقة المعلمين بكفاءة إعدادهم سلاح ذو حدين، إذ يمكن لهذه الثقة أن تحد من رغبتهم في برامج التطوير المهني المستمر، ولذلك يجب العمل على الرخص المهنية وعدم الاكتفاء بالمؤهلات أو برامج التطوير حتى لو كانت ساعات التطوير المهني لصالح المعلمين في السعودية مقارنة بالرقم العالمي».

مؤتمرات وعائق

قال ربع المعلمين والمعلمات في المملكة إنهم حضروا مؤتمرات تعليمية أو علمية بوصفها جزءا من تطويرهم المهني، بمعدل أقل مما في «تالس»، حيث يشارك نصف المعلمين في المؤتمرات لأغراض التطوير المهني.

وفيما يخص أنشطة التطوير المهني المتعلقة بتقنية المعلومات والاتصالات في التدريس، فقد بدت النسب مرتفعة في المملكة، حيث أشار 70.2% من المعلمين و81.1% من المعلمات إلى مشاركتهم في هذه الأنشطة مقارنة بـ»تالس» حيث يشارك 63.3% من المعلمات و63.9% من المعلمين في هذه الأنشطة.

وترى الشهراني أن «نوعية المشاركات أهم من كميتها بالذات في حضور الملتقيات العلمية والمؤتمرات».

وتضيف «كما أن قياس أثر هذه الملتقيات مهم أيضا».

وتشير النتائج إلى أن العائق الرئيس للتطوير المهني للمعلمين والمعلمات في المملكة هو قلة المحفزات على المشاركة، حيث أشار 84.6% من المعلمين والمعلمات إلى أن ذلك يمثل عائقاً لهم عن التطوير المهني، في حين يقابلهم 48.7% فقط من المعلمين والمعلمات في «تالس».

وجاء في المرتبة الثانية كأحد المعوقات للتطوير المهني لدى المعلمين، نقص الدعم، حيث أشار 71% من المعلمين والمعلمات في المملكة إلى أن نقص دعم الجهة الموظفة كان عائقاً، بينما أشار 67.6% إلى أن تعارض جدول أعمالهم مع أوقات الدورات التدريبية كان عائقاً لهم أيضاً.

وتقول الشهراني «كل هذه العوائق يمكن التحكم فيها ببعض المرونة من الأطراف المعنية، أما المحفزات فالبقاء في الوظيفة والترقيات يجب أن تكون المحفز الأكبر على الالتحاق ببرامج التطوير المهني».

ذوو الإعاقة

أشار معلمو المملكة إلى حاجتهم لبرامج تطوير مهني تتعلق بتعليم ذوي الإعاقة، حيث وصلت النسبة إلى 28.5% مقابل 23.9% في «تالس»، بينما تتقارب احتياجات معلمي المملكة مع معلمي «تالس» في جوانب التطوير المهني المتعلقة بسلوك الطلبة وإدارة الصف وتقويم الطلبة ومعرفة وفهم المواضيع التي تدرس ومعرفة المنهج الدراسي.

وقال 37.3% من المعلمين و50.9% من المعلمات في المملكة باحترام الأوساط الإعلامية لهم، وهي أعلى من النسب المناظرة في «تالس» (28.2% للمعلمين و24.4% للمعلمات)، ويلاحظ أفضلية في الرضا الوظيفي لدى المعلمات مقارنة بالمعلمين في المملكة بصفة عامة، بينما تتقارب نسب الرضا بين المعلمين والمعلمات في «تالس» أو تميل لصالح المعلمين.

وكانت مهنة التعليم الخيار المهني الأول لمعظم المعلمين والمعلمات في المملكة، أعلى مما في دول المقارنة في «تالس»، الأمر الذي يدعو للقول بجاذبية مهنة التعليم في المملكة، فيما يبدو التعليم مهنة جاذبة للمعلمات أكثر منه للمعلمين في المملكة ودول المقارنة بصفة عامة، حيث قال ثلاثة أرباع المعلمين (75.6%) وتسعة أعشار المعلمات (89%) في المملكة إن مهنة التعليم كانت خيارهم الوظيفي الأول.

وتوضح الشهراني «خيارهم الأول لسهولة معايير الالتحاق بكليات التربية في بلادنا مقارنة بالدول الأخرى، وارتفاع العائد المادي لمهنة التعليم والاستقرار الوظيفي، لكني أتساءل، ماهي الشريحة العمرية لهذه الفئة؟ لأن إيجاد فرصة وظيفية حاليا مهمة صعبة جدا».

ضبط الصف

لم يقف معلمو المملكة موقفاً جيداً مع معلمي دول المقارنة قياساً بإدارة وقت التعلم في غرفة الصف، حيث قال المعلمون في المملكة إن الوقت المخصص لأنشطة التعليم والتعلم لا يصل إلى 65% من وقت الدرس، إذ يذهب 21.6% من وقت الحصة في حفظ النظام والانضباط ويذهب 12.2% من الوقت للمهام الإدارية بالفصل.

في المقابل يستطيع المعلمون في «تالس» تخصيص ما يقارب 80% من وقت الحصة لأنشطة التعليم والتعلم، بينما يستهلك حفظ النظام والانضباط 13.1% من الوقت، وتستهلك المهام الإدارية في غرف الصف 8.3% من الوقت.

وترى الشهراني أن «هذا المؤشر يدعو للتركيز على الطالب وإعادة تعريف مهام المعلم في الصف، كما يؤكد ضرورة توفير مساعد معلم صف لمساعدة المعلمين في مهامهم خصوصا في ظل زيادة أعداد الطلاب في الفصول».

%91.1 : اختاروا التعليم للدخل المضمون

%94: اختاروه للتأثير في تطور الأطفال والشباب

%47.6: من قادة المدارس الذكور راضون عن مهمتهم

%53.8: من قادة المدارس الإناث راضيات عن مهنتهن

%71.9: من المعلمين رأوا أنهم أُعدوا جيداً أو جيداً جداً لتوظيف التقنية في التدريس

تالس TALIS

- الاسم المختصر (TALIS) مكون من الأحرف الإنجليزية لـ: Teaching and Learning International Survey ويقابلها بالعربية «المسح الدولي للتعليم والتعلم».

- تنفذه «تالس» منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعروفة اختصاراً بـOECD كل خمسة أعوام.

- شاركت المملكة في الدورة الثالثة لأول مرة.

- هي دراسة دولية واسعة النطاق، تهدف إلى تفعيل دور المعلمين وقادة المدارس في تحليل وضع التعليم وتطور سياساته.