نادية الشهراني

أكاد أجزم أن منصة مدرستي هي حديث الساعة هذه الأيام، وأن النقاشات حولها تستأثر بالنصيب الأكبر في كل بيت مهتم بالتعليم في السعودية. درءا للإشاعات ومساندة لعمل وزارة التعليم المشرّف، وتجاوبا مع شفافيتهم العالية، أود في هذا المقال أن أستعرض بعضا مما سمعته من العقول السعودية التي تدير هذه المنصة.

تخدم المنصة جميع مدارس المملكة، الحكومية والخاصة بأنواعها المختلفة؛ مما يعني خدمتها لأكثر من ستة ملايين طالب وطالبة في مختلف مراحل التعليم العام، وأكثر من نصف مليون من المعلمين والمعلمات وقادة المدارس، بالإضافة لأولياء الأمور الذين يمكنهم متابعة أبنائهم والتواصل مع كادر المدرسة عبر أيقونات محددة. يتوقع من هذه الأرقام الضخمة من المستخدمين الاستفادة من هذا الاستثمار التقني بأفضل صورة ممكنة، وذلك بدءًا من قادة المدارس الذين يبدأون اليوم الدراسي مع الطلاب بالسلام الوطني السعودي وطابور الصباح، متضمنا التمارين الحركية، مرورا بالمعلمين الذين يقدمون مقرراتهم اليومية حسب جدول كل صف دراسي، وانتهاءً بالطلاب الذين يتابعون اليوم الدراسي تفاعليا عن بعد، وينجزون واجباتهم اليومية، ويطرحون أسئلتهم على معلميهم عبر الشاشات، ويقيّمهم المعلمون على تفاعلهم كما لو كانوا في الصف. لم تغفل الوزارة كذلك دور المرشدين الاجتماعيين في المدرسة الافتراضية، والذين يتابعون الطلاب عن بعد للتأكد من سلامتهم النفسية والاجتماعية واستمرار حضورهم للدروس والتفاعل مع المدرسة الافتراضية، ويتدخلون بالطرق الملائمة في حال تعذر على الطالب الاستمرار في الدراسة لأي سبب. تحتوي المنصة كذلك على أهم الروابط الموصى بها من الوزارة والمعتمدة للتعليم لضمان اطلاع الطالب وذويه على كل المستجدات، واستمرار العملية التعليمية عبر القنوات التلفزيونية في حال تعذر استخدام الإنترنت في بعض المناطق لأي سبب.

من المهم أن ننصرف عن المثبطين، ونمنح أنفسنا وأبناءنا فرصة الاستفادة من هذه التجربة، فالحقيقة أن ما يحدث هو إعادة تعريف للتعليم عن بعد، وتصحيح لبعض ما حدث من قصور خلال الفصل الماضي في عملية التعليم والتقويم والتقييم، وهذا ما يجب أن نسعى لتعزيزه في طلابنا حاليا، وما دامت عملية التعليم عن بعد قائمة، خاصة طلاب المراحل العليا والمتوسطة والثانوية، فالمعلم هنا يساعد الطالب ويمكّنه من التعلم الذاتي بتعزيز دافعيته للتعليم الإلكتروني، والتحصيل الدراسي عبر البدائل المتاحة مع هذا الظرف العالمي الفريد، ويقوّم أداءه ثم يقيمه ويمنحه درجاته المستحقة تحقيقا للعدالة وتكافؤ الفرص ما أمكن. في الوقت نفسه يقيم الجميع المنصة باستمرار ويزودون المشغل بتوصياتهم للتحسين، فالعمل مستمر وما لا نحسّنه يتراجع ولا شك.

أود أن أوصي المعلمين والمعلمات تحديدا باستثمار المنصة، واستخدامها في البقاء على اتصال مع الطلاب والطالبات خلال ساعات اليوم الدراسي عبر نافذة التواصل الاجتماعي الموجودة فيها، وعبر البريد الإلكتروني المخصص لكل مستخدم وعدم الاستجابة لإغراء سهولة إنشاء مجموعات الواتساب واستخدامها للتعليم، إلا إذا تعذر تماما استخدام المنصة لأي سبب قاهر. وينبغي على قادة المدارس تنبيه معلميهم ومعلماتهم لهذه النقطة استثمارا للمنصة، وحفظا لخصوصية المعلمين والمعلمات، وتطبيقا لأخلاقيات التواصل المهنية لجميع الأطراف المعنية خصوصا القصّر.

خلاصة القول، بعد نظرة فاحصة للمنصة وحضور درس افتراضي مع أحد معلمينا عبرها في الوزارة، أستطيع أن أقول بثقة إن الجهة المصممة والمشرفة على التصميم راعت تجربة المستخدم في التفاصيل من بوابات التواصل إلى الأيقونات والخطوط والألوان. أتمنى حقيقة أن تضاف قريبا واجهة إنجليزية للمنصة خدمةً للطلاب خارج السعودية من أبناء المرافقين أو المبتعثين، وكذلك لأبنائنا ممن عادوا للتو للوطن مع هذه الجائحة، فالوزارة عودتنا على استيعاب الجميع ما أمكن. ختاما أتمنى للجميع عاما دراسيا ناجحا ومتميزا، نقترب فيه أكثر من تحقيق طموحاتنا ورؤيتنا لهذا الوطن العظيم عبر البوابة الأهم دائما، بوابة التعليم.