موسى بن سعيد القبيسي

لا بأس يا مملكتنا الغالية، فلم يكن الحدث بسيطاً والأمر يسيراً، فقد هزت هذه الجائحة الكرة الأرضية قاطبة، لكن حفظ الله وإرادته أن يعجّل بالفرج، وأن ينحسر المرض كان أسبق وأسرع، فهذا البلد العظيم قبلة المسلمين وذروة المجد أجمعين. لا بأس يا مملكتنا الحبيبة، فقد كانت الوعكة مؤلمة نوعاً ما، لأننا جزء من هذا العالم الأرضي الذي اجتاحه المرض، فلسنا بدعا منهم، لكن عناية الله ولطفه كانت تسير مع الهمم العالية والاحترازات الوقائية والوعي الاجتماعي، الذي أعان قيادة هذه البلاد وحكومتها والمعنيين فيها إلى الخروج من هذه الجائحة بأقل ضرر. لا بأس يا مملكتنا الوفية، فقد كنت بلسما شافيا ودواء ناجعا لكل من أصابه المرض بعد توفيق الله، فقد عاش المريض في كنف من الراحة، وهُيئت له سبل العلاج، وقدمت له أرقى الخدمات حتى لكأن ضرّاً لم يمر به. لا بأس يا مملكتنا الراقية لم تنظري إلى من حولك، بل بقيتِ شامخة بين البلدان، قامة بين الأوطان فبذلتِ الغالي والنفيس من أجل راحة المواطنين والمقيمين وغيرهم ممن يسكن أرضك ويشم هواءك، وجعلتِ الجميع يعيش في سعادة رغم مرارة الأزمة. لا بأس يا مملكتنا المخلصة، لقد أظهرت الأزمات والكوارث أن المسؤولين في أرضك على مختلف مهامهم وتخصصاتهم أهل للثقة، فعملهم المتفاني والمستمر ليلاً ونهاراً كأنهم نجوم لامعة أبهر القاصي والداني، ولا غر فتلك القوة والحيوية والجهود المخلصة التي برزت فيهم كان مصدرها القيادة الحكيمة التي اختارت، فوضعت الشخص المناسب في المكان المناسب. لا بأس يا مملكتنا الرائدة، فقد كان شعب المملكة مبادرا للخير حين نزلت هذه الغمة دون حاجة إلى نداء من حكومة أو ملك، فما تلك المبادرات التي تمت والمساهمات التي قدمت في مجالات عدة إلا تعبيراً عن حب المواطنين لوطنهم ووفاءً لقيادتهم التي ما فتئت في إسعادهم وتحقيق سبل العيش الكريم لهم. لا بأس يا مملكتنا العزيزة، فكل ما مر ليس باختيارنا، ولا تلك المصاعب والمشاق التي حصلت بطوعنا، لكن علينا أن نحسن التعامل مع المراحل القادمة، وأن نكون أكثر وعيٍ في حياتنا، وأن نقدم الأهم على المهم، فليس كل شيء في حياتنا مهمًّا، فكثير من أمورنا أثناء الجائحة تم تأخيرها أو تعطيلها أو الاستغناء عنها. لا بأس يا مملكتنا الحانية، كنت وستبقين مملكة الإنسانية، فما بخلت بالمال على الشعوب التي حولك، وما تخليت عن الإحسان إلى غيرك رغم ما يصدر من بعضهم من تصرفات لا تليق وسلوكيات لا تقبل، لكن عطاءك الممتد ظل نبعاً صافياً وشرياناً دافئاً يصل إلى القلوب دون انقطاع وإلى الأبدان دون تردد. لا بأس يا مملكتنا الغانمة، فقد دون التأريخ تلك الجائحة، وسجل العالم تلك الأحداث، لكن بقيت جهودك سامية، فكل من يسترجع هذه الأحداث سيكتشف أن المملكة ضحت بكل موجود ليبقى كل مولود، وصرفت المال ليبقى الإنسان.