سؤال عابر طرحته عليّ صديقة في اتصال هاتفي تسأل فيه عني في مرضي وهي تتألم لعزلتي ربما أكثر من مرضي.
تفاجأت عندما أجبتها أني تصالحت مع جدران حجرتي.. وصافحت بالود أكف الصمت الساكن في غرفتي، قلت لها:
* العزلة غاليتي أنواع، وأنا أعشق عزلتي.
بتهكم مرح أجابتني: العزلة أنواع!؟
يبدو أنها هلاوس الوحدة، ولكن منك نستفيد، فحدثينا عنها يا صديقة الانفراد المتوحد المتفلسفة!
ما أنوعها؟
أجبتها..
العزلة سكون يغشى الوقت، يوقف عقارب الزمن حد الشلل الذي يصيب إحساسنا بدوران الأرض وصخب الحياة.
بعضها يؤذينا، وبعضها يقوينا، وبعضها يعيد تدوير كثير من أشخاص ومواقف وظروف تحيط بنا لتتشكل بشكل جديد، نحيك منه أثوابا من حرير نُلبسها أرواحنا، لتزهو بها دنيانا عندما نخرج من شرنقة انعزالنا.
أخطر أنواعها، ذلك الانزواء الدائم المتوشح بالسوداوية الذي يفصلنا عن الحياة، والذي يتخذ من سعادتنا وفرحنا وتواصلنا مع ما يحيط بنا من بشر بفاعليات عالمهم، حطباً يشعل به نار اليأس والحزن حد التأجج الذي يخنقنا بدخان الكآبة، فتموت فينا الرغبة بالنجاة قبل أن نكتشف منفذا ننجو من خلاله هرباً إلى مباهج الحياة ولذتها.
وهناك نوع من العزلة المشتهاة..
هي أرقى أنواع الانفراد، نلجأ إليها بكامل إرادتنا، نختارها لنهرب من ضجيج الحياة بعد أن نهدم خلية الدبابير النشطة داخل أفكارنا وأرواحنا، نكسرها ثم نركض بسرعة قبل أن تقتلنا لسعاتها، نلجأ إلى جزيرة روحية بعيدة نتوحد بها مع دواخلنا، نصادق السكون، لنعيد التعرف على أنفسنا، نقف أمام مرآة ذواتنا بلا أقنعة من صنع السنين، ألبستنا إياها أكف الظروف، نفتح حوارات عفوية بصدقها عميقة في مضامينها، نتخاصم مع عثراتنا التي حجبت عنا شمس الفرح، ونبكي من صفعات خذلان قاس نزل على وجنات الروح حتى سال دمعها حبات من لهب ساخن تساقط على شموع الاطمئنان الشامخة داخل أنفسنا، فأذابها حد استحالة إعادة تشكيل الثقة من جديد.
في العزلة المختارة يحدث كل هذا وأكثر، ولكن كونها خلوة منتقاة يجعلنا نهرول بخفة نحو حضن الإيمان بالله الذي يمسح برحمته على أرواحنا المتعبة، وهو يأخذنا إلى حقول التفاؤل، لنجمع منها بذور الأمل والرغبة في الحياة والتوق إلى الفرح، بنشاط، ننثر تلك البذور داخل النفس في إصرار على محاربة تصحر الهدوء والسكينة بحدائق من إيمان نعالج به آثار الزمن لنعود بشباب روح نضر متجدد منطلق للحياة كأجمل وأبهى وأنجح ما يكون.
عزلتنا الثالثة هي المفروضة علينا، كعزلتنا في الحجر الصحي،. هنا نحن من نتولى عجلة القيادة فنتجه بها إلى شواطئ الراحة الروحية أو براكين القلق النفسية، نحن من نختار ما نملأ به فراغ توحدنا المفروض، الفطن منا يحولها إلى عزلة تعيد ترتيب الذات والارتقاء بها، بذكائه يملأ وقته بما يحب، كلام الله استماعا أو تلاوة شفاء للأرواح التي ترعبها ملامح العزلة، واختيار ما يناسب ذائقة المعزول من الرسم، أو الكتابة، أو تصفح الكتب، أو الموسيقى أو أي اختيار يملأ به آبار الفراغ العميقة ليرطب بها جفاف الوقت، ويسقي منها عطش الشوق لحياته النشطة التي اضطرته ظروف الشدة إلى إيقافها إلى حين ميسرة.
العزلة يا صديقتي، وما أدراك ما العزلة، إن أردتها أنت راحة كانت لك ذلك، وإن أردتها عذابا فما أبرعها في قلب حياتك إلى جحيم حارق.
العزلة في يومنا هذا إلى أن يشاء الله فرض عام، ولكل منا الاختيار إما أن نجعلها رحمة أو عذابا، ومهما كان اختيارنا علينا أن نضع في اعتبارنا أنها الرحمة التي تكفينا -بأمر الله- ويلات المرض وعذاباته، فلنتقبلها لتمنحنا أعذب الأوقات.
تفاجأت عندما أجبتها أني تصالحت مع جدران حجرتي.. وصافحت بالود أكف الصمت الساكن في غرفتي، قلت لها:
* العزلة غاليتي أنواع، وأنا أعشق عزلتي.
بتهكم مرح أجابتني: العزلة أنواع!؟
يبدو أنها هلاوس الوحدة، ولكن منك نستفيد، فحدثينا عنها يا صديقة الانفراد المتوحد المتفلسفة!
ما أنوعها؟
أجبتها..
العزلة سكون يغشى الوقت، يوقف عقارب الزمن حد الشلل الذي يصيب إحساسنا بدوران الأرض وصخب الحياة.
بعضها يؤذينا، وبعضها يقوينا، وبعضها يعيد تدوير كثير من أشخاص ومواقف وظروف تحيط بنا لتتشكل بشكل جديد، نحيك منه أثوابا من حرير نُلبسها أرواحنا، لتزهو بها دنيانا عندما نخرج من شرنقة انعزالنا.
أخطر أنواعها، ذلك الانزواء الدائم المتوشح بالسوداوية الذي يفصلنا عن الحياة، والذي يتخذ من سعادتنا وفرحنا وتواصلنا مع ما يحيط بنا من بشر بفاعليات عالمهم، حطباً يشعل به نار اليأس والحزن حد التأجج الذي يخنقنا بدخان الكآبة، فتموت فينا الرغبة بالنجاة قبل أن نكتشف منفذا ننجو من خلاله هرباً إلى مباهج الحياة ولذتها.
وهناك نوع من العزلة المشتهاة..
هي أرقى أنواع الانفراد، نلجأ إليها بكامل إرادتنا، نختارها لنهرب من ضجيج الحياة بعد أن نهدم خلية الدبابير النشطة داخل أفكارنا وأرواحنا، نكسرها ثم نركض بسرعة قبل أن تقتلنا لسعاتها، نلجأ إلى جزيرة روحية بعيدة نتوحد بها مع دواخلنا، نصادق السكون، لنعيد التعرف على أنفسنا، نقف أمام مرآة ذواتنا بلا أقنعة من صنع السنين، ألبستنا إياها أكف الظروف، نفتح حوارات عفوية بصدقها عميقة في مضامينها، نتخاصم مع عثراتنا التي حجبت عنا شمس الفرح، ونبكي من صفعات خذلان قاس نزل على وجنات الروح حتى سال دمعها حبات من لهب ساخن تساقط على شموع الاطمئنان الشامخة داخل أنفسنا، فأذابها حد استحالة إعادة تشكيل الثقة من جديد.
في العزلة المختارة يحدث كل هذا وأكثر، ولكن كونها خلوة منتقاة يجعلنا نهرول بخفة نحو حضن الإيمان بالله الذي يمسح برحمته على أرواحنا المتعبة، وهو يأخذنا إلى حقول التفاؤل، لنجمع منها بذور الأمل والرغبة في الحياة والتوق إلى الفرح، بنشاط، ننثر تلك البذور داخل النفس في إصرار على محاربة تصحر الهدوء والسكينة بحدائق من إيمان نعالج به آثار الزمن لنعود بشباب روح نضر متجدد منطلق للحياة كأجمل وأبهى وأنجح ما يكون.
عزلتنا الثالثة هي المفروضة علينا، كعزلتنا في الحجر الصحي،. هنا نحن من نتولى عجلة القيادة فنتجه بها إلى شواطئ الراحة الروحية أو براكين القلق النفسية، نحن من نختار ما نملأ به فراغ توحدنا المفروض، الفطن منا يحولها إلى عزلة تعيد ترتيب الذات والارتقاء بها، بذكائه يملأ وقته بما يحب، كلام الله استماعا أو تلاوة شفاء للأرواح التي ترعبها ملامح العزلة، واختيار ما يناسب ذائقة المعزول من الرسم، أو الكتابة، أو تصفح الكتب، أو الموسيقى أو أي اختيار يملأ به آبار الفراغ العميقة ليرطب بها جفاف الوقت، ويسقي منها عطش الشوق لحياته النشطة التي اضطرته ظروف الشدة إلى إيقافها إلى حين ميسرة.
العزلة يا صديقتي، وما أدراك ما العزلة، إن أردتها أنت راحة كانت لك ذلك، وإن أردتها عذابا فما أبرعها في قلب حياتك إلى جحيم حارق.
العزلة في يومنا هذا إلى أن يشاء الله فرض عام، ولكل منا الاختيار إما أن نجعلها رحمة أو عذابا، ومهما كان اختيارنا علينا أن نضع في اعتبارنا أنها الرحمة التي تكفينا -بأمر الله- ويلات المرض وعذاباته، فلنتقبلها لتمنحنا أعذب الأوقات.