بسبب ما يحدث في العالم من وباء فيروس كورونا المعدي وانتشاره، قررت الدولة اتخاذ خطوات احترازية لمنع العدوى ومحاصرتها، وقد تتابعت القرارات التي كانت في مجملها تصبّ في مصلحة المواطن والوطن، وأول من فكرت فيهم هم الطلاب والتلاميذ، فتم تحويل التعليم إلى تعليم عن بعد، وقامت وزارة التعليم بكل الخطوات اللازمة لتفعيل ذلك ومتابعة تنفيذه.
وكأي خبرة جديدة تواجه المجتمع، كان هناك بعض التحديات، منها عدم استعداد غالبية التلاميذ للولوج في قلب هذه الخبرة والتفاعل معها، بحيث تجري بانسياب وسهولة، وكذلك الأمر بالنسبة للهيئة التعليمية، ممن لم يتم تدريبهم على أساليب التعليم عن بعد، أو حتى منهم من ليست لديه أساليب التعامل مع ما ينتج من سلوكيات عن بعض التلاميذ خلال تفعيل هذه الإستراتيجية.
بالطبع، لا نستطيع أن نحكم على فاعلية هذه التجربة قبل أن يتم حصر عمليات تنفيذها، ودراسة النتائج بطرق علمية، ولكن نستطيع أن نلقي الضوء على بعض ما تعانيه الأطراف ذات العلاقة، من هيئة تعليم وتلاميذ وأولياء أمور، ونتساءل: هل من المتوقع أن تكون النتائج إيجابية وفوق المتوقع؟ هل سنجد أن غالبية الأهداف التعليمية والتربوية قد تم تحقيقها؟ أو لنقل إنها تشير إلى أننا نسير في الطريق السليم؟.
التعليم عن بعد، أو لنكن أكثر دقة عبر الإنترنت، هو اتجاه حديث تزايدت شعبيته على مدى العقدين الماضيين، ووفقا لدراسات أجري أقربها على طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا المحلية، تشير إلى أن عدد الذين يتلقون دروسا عبر الإنترنت قد تضاعف على مدى السنوات القليلة الماضية، حتى إن هذا النوع من التعليم قد وصل إلى عدد لا بأس به من تلاميذ وطلاب المدارس الخاصة، وبعض المدارس النموذجية العامة، والعدد بالطبع في ازدياد، سواء كان محليا أو عالميا. ففي الغرب، نجد أن التعليم عن بعد قد وصل إلى طلاب المراحل المتوسطة أيضا، السؤال هنا: هل هذه المواد التي يتم الالتحاق بها عبر الإنترنت تقدم للطلاب تجربة التعلم نفسها، الغنية بالمناقشة والتواصل المباشر مع المعلمين والمعلمات؟ فإن كانت جهود التحضير للحصص في الفصول الدراسية يأخذ وقتا وجهدا، فإن التحضير للفصول الافتراضية يحتاج إلى ضعف الوقت وضعف الجهد! وإن كانت الهيئة التعليمية غير مدربة، استطعنا أن نقول إننا نضيف جبلا إلى جبل من الحمل على الهيئة التعليمية!.
لنبدأ بالمزايا، نستطيع القول إن هذه النوعية من العرض مفيدة جدا لطلاب الجامعة، ممن لا يجدون الوقت للالتحاق بالمحاضرات العادية، فهي تتسم بالمرونة فيما يتعلق بإدارة الوقت، إذ إن الطلاب لا يحتاجون إلى التنقل بين القاعات أو حتى تأمين المواصلات أو توفير الوقت، إضافة إلى أن الفصول الافتراضية أقل تكلفة من الفصول العادية، ويمكن تفعليها حسب جدول الطلاب، فإن لم يتمكنوا من حضور المحاضرة وقت بثها، تمكّنوا من الاطلاع على المادة التعليمية وتسجيل المحاضرة، والرجوع إلى لوحة المناقشات أو التكليفات حتى يتمكنوا من اللحاق بزملائهم، وبالنسبة للمراحل المتوسطة والثانوية يمكن تحميل المواد التعليمية وتسجيل الحصص على النت للطلاب المتعثرين، ليتمكنوا من الرجوع إليها والتفاعل مع المادة، حسب سرعتهم وقدراتهم.
نستطيع أن نتطرق إلى السلبيات من ناحية أن الاتجاه إلى الاعتماد الكلي عليها، إضافة إلى ضعف التدريس في حالة عدم التمكن أو انخفاض التدريب والتطوير اللازم للهيئة التعليمية، قد يكون ضارا بمستقبل الطلاب، يكفي أنها تفتقر إلى العنصر المهم في تعليم النشء، ألا وهو التواصل المباشر والمناقشة.
فالمناقشة المكتوبة على شكل جمل حوارية على جانب الشاشة أو تحتها، بالطبع هي غير كافية لتدريب طلاب المستقبل على مهارات الحوار المباشر اللفظي، هذا عدا عن غياب عامل التواصل مع بقية الطلاب لتعلم بقية المهارات الحياتية التي يحتاجون إليها في سوق العمل، ليس فقط للولوج فيه، بل أيضا للاستمرار والارتقاء داخله.
أما بالنسبة إلى الطلاب المتعثرين، فهذا عبء آخر عليهم، لأنه لا تقدم لهم خدمات تفريد التعليم، إذ تسهم مثل هذه الخدمات عادة في التوضيح أو التدخل عند مواجهة أي صعوبة في الفهم أو عدم القدرة على الحل، والأهم من ذلك هو التعامل مع جيل مدمن على برامج التواصل الاجتماعي ويوتوب ونتفليكس وواتساب وما شابه من المشتتات، كيف نستطيع أن نسلخهم منها؟ بأن نجعلهم يتجاهلون كل هذه المغريات ويوجدون الوقت للدخول والمشاركة، وإن تم الدخول فأين الرقيب؟ إن كان كثير من الأهل لا يدركون أهمية وجودهم مع أبنائهم في أوقات البث حتى يتأكدوا من مشاركتهم، ويتابعوا أي صعوبات قد تواجه أبناءهم خلال التنفيذ!.
أما طلاب التعليم العالي، فمنهم من عدّها فرصة للمراوغة، بحيث يدخل ويسجل حضوره ويعود إلى النوم أو إلى جهازه، ولا يتنبه إلا بعد يتصل به أحد الزملاء ليعلمه بأن المحاضرة قد انتهت!. ولن أتطرق هنا إلى مصداقية ما يقدمه الطلاب من تكليفات أو الاختبارات، بأنه لم تتم مساعدتهم من آخرين، وحتى التلاميذ! وكل ذلك من أجل الدرجات!.
وهنالك قضية أخرى مهمة، عادة ما يتناقش الطلاب مع بعضهم البعض بما تم تناوله خلال المحاضرة من محتوى، قد تم من خلاله دفع وجهات نظر سياسية أو دينية أو غيرها من الأمور الحساسة، والتي تستوجب الحذر والوقوف عندها.
أخيرا، يمكن أن أضيف هنا، أن ما قامت به الوزارة هو خطوة جبارة، وأولى الإيجابيات أنها لم تترك أبناء الوطن دون تعليم، كما حصل في بعض الدول الأخرى، بل اهتمت بوقتهم وما سيضيع عليهم فيما لو تم الانقطاع الكامل، أو نقلهم من صف إلى صف، أو من مرحلة إلى مرحلة دون المرور على الأقل بالمعلومات والمعارف، إن كان بناء المهارات والقدرات فسوف يتعرض لتراجع أو توقيف مؤقت.
إن عجلة التعلم والتعليم ستستمر، ويقدر الطلاب أهمية ما حدث، إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب، وأهاليهم خاصة ممن يعترضون على مستوى التعليم أو المخرجات، وإن تم الانقطاع وجدوه فرصة للهجوم المضاد، وبدأت ملاحم ضياع التعليم وضياع الفرص وضياع المستقبل!.
والأمر الآخر الذي قامت به الوزارة بالنسبة للمعلمين والمعلمات، أنها جعلتهم يدخلون موج البحر وطالبتهم بالإبحار، وهذه خبرة بألف دبلوم ومليون دورة!،
لقد جعلتهم يتعاملون مع الوضع ويتكيفون معه.
ما عرضته اليوم هو مجرد معلومات سريعة، لكن الفاصل هو النتائج من هذه الخبرة التي ستسهم بالتأكيد في الارتقاء وتطوير التعليم لدينا. والله يحفظ الجميع.
وكأي خبرة جديدة تواجه المجتمع، كان هناك بعض التحديات، منها عدم استعداد غالبية التلاميذ للولوج في قلب هذه الخبرة والتفاعل معها، بحيث تجري بانسياب وسهولة، وكذلك الأمر بالنسبة للهيئة التعليمية، ممن لم يتم تدريبهم على أساليب التعليم عن بعد، أو حتى منهم من ليست لديه أساليب التعامل مع ما ينتج من سلوكيات عن بعض التلاميذ خلال تفعيل هذه الإستراتيجية.
بالطبع، لا نستطيع أن نحكم على فاعلية هذه التجربة قبل أن يتم حصر عمليات تنفيذها، ودراسة النتائج بطرق علمية، ولكن نستطيع أن نلقي الضوء على بعض ما تعانيه الأطراف ذات العلاقة، من هيئة تعليم وتلاميذ وأولياء أمور، ونتساءل: هل من المتوقع أن تكون النتائج إيجابية وفوق المتوقع؟ هل سنجد أن غالبية الأهداف التعليمية والتربوية قد تم تحقيقها؟ أو لنقل إنها تشير إلى أننا نسير في الطريق السليم؟.
التعليم عن بعد، أو لنكن أكثر دقة عبر الإنترنت، هو اتجاه حديث تزايدت شعبيته على مدى العقدين الماضيين، ووفقا لدراسات أجري أقربها على طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا المحلية، تشير إلى أن عدد الذين يتلقون دروسا عبر الإنترنت قد تضاعف على مدى السنوات القليلة الماضية، حتى إن هذا النوع من التعليم قد وصل إلى عدد لا بأس به من تلاميذ وطلاب المدارس الخاصة، وبعض المدارس النموذجية العامة، والعدد بالطبع في ازدياد، سواء كان محليا أو عالميا. ففي الغرب، نجد أن التعليم عن بعد قد وصل إلى طلاب المراحل المتوسطة أيضا، السؤال هنا: هل هذه المواد التي يتم الالتحاق بها عبر الإنترنت تقدم للطلاب تجربة التعلم نفسها، الغنية بالمناقشة والتواصل المباشر مع المعلمين والمعلمات؟ فإن كانت جهود التحضير للحصص في الفصول الدراسية يأخذ وقتا وجهدا، فإن التحضير للفصول الافتراضية يحتاج إلى ضعف الوقت وضعف الجهد! وإن كانت الهيئة التعليمية غير مدربة، استطعنا أن نقول إننا نضيف جبلا إلى جبل من الحمل على الهيئة التعليمية!.
لنبدأ بالمزايا، نستطيع القول إن هذه النوعية من العرض مفيدة جدا لطلاب الجامعة، ممن لا يجدون الوقت للالتحاق بالمحاضرات العادية، فهي تتسم بالمرونة فيما يتعلق بإدارة الوقت، إذ إن الطلاب لا يحتاجون إلى التنقل بين القاعات أو حتى تأمين المواصلات أو توفير الوقت، إضافة إلى أن الفصول الافتراضية أقل تكلفة من الفصول العادية، ويمكن تفعليها حسب جدول الطلاب، فإن لم يتمكنوا من حضور المحاضرة وقت بثها، تمكّنوا من الاطلاع على المادة التعليمية وتسجيل المحاضرة، والرجوع إلى لوحة المناقشات أو التكليفات حتى يتمكنوا من اللحاق بزملائهم، وبالنسبة للمراحل المتوسطة والثانوية يمكن تحميل المواد التعليمية وتسجيل الحصص على النت للطلاب المتعثرين، ليتمكنوا من الرجوع إليها والتفاعل مع المادة، حسب سرعتهم وقدراتهم.
نستطيع أن نتطرق إلى السلبيات من ناحية أن الاتجاه إلى الاعتماد الكلي عليها، إضافة إلى ضعف التدريس في حالة عدم التمكن أو انخفاض التدريب والتطوير اللازم للهيئة التعليمية، قد يكون ضارا بمستقبل الطلاب، يكفي أنها تفتقر إلى العنصر المهم في تعليم النشء، ألا وهو التواصل المباشر والمناقشة.
فالمناقشة المكتوبة على شكل جمل حوارية على جانب الشاشة أو تحتها، بالطبع هي غير كافية لتدريب طلاب المستقبل على مهارات الحوار المباشر اللفظي، هذا عدا عن غياب عامل التواصل مع بقية الطلاب لتعلم بقية المهارات الحياتية التي يحتاجون إليها في سوق العمل، ليس فقط للولوج فيه، بل أيضا للاستمرار والارتقاء داخله.
أما بالنسبة إلى الطلاب المتعثرين، فهذا عبء آخر عليهم، لأنه لا تقدم لهم خدمات تفريد التعليم، إذ تسهم مثل هذه الخدمات عادة في التوضيح أو التدخل عند مواجهة أي صعوبة في الفهم أو عدم القدرة على الحل، والأهم من ذلك هو التعامل مع جيل مدمن على برامج التواصل الاجتماعي ويوتوب ونتفليكس وواتساب وما شابه من المشتتات، كيف نستطيع أن نسلخهم منها؟ بأن نجعلهم يتجاهلون كل هذه المغريات ويوجدون الوقت للدخول والمشاركة، وإن تم الدخول فأين الرقيب؟ إن كان كثير من الأهل لا يدركون أهمية وجودهم مع أبنائهم في أوقات البث حتى يتأكدوا من مشاركتهم، ويتابعوا أي صعوبات قد تواجه أبناءهم خلال التنفيذ!.
أما طلاب التعليم العالي، فمنهم من عدّها فرصة للمراوغة، بحيث يدخل ويسجل حضوره ويعود إلى النوم أو إلى جهازه، ولا يتنبه إلا بعد يتصل به أحد الزملاء ليعلمه بأن المحاضرة قد انتهت!. ولن أتطرق هنا إلى مصداقية ما يقدمه الطلاب من تكليفات أو الاختبارات، بأنه لم تتم مساعدتهم من آخرين، وحتى التلاميذ! وكل ذلك من أجل الدرجات!.
وهنالك قضية أخرى مهمة، عادة ما يتناقش الطلاب مع بعضهم البعض بما تم تناوله خلال المحاضرة من محتوى، قد تم من خلاله دفع وجهات نظر سياسية أو دينية أو غيرها من الأمور الحساسة، والتي تستوجب الحذر والوقوف عندها.
أخيرا، يمكن أن أضيف هنا، أن ما قامت به الوزارة هو خطوة جبارة، وأولى الإيجابيات أنها لم تترك أبناء الوطن دون تعليم، كما حصل في بعض الدول الأخرى، بل اهتمت بوقتهم وما سيضيع عليهم فيما لو تم الانقطاع الكامل، أو نقلهم من صف إلى صف، أو من مرحلة إلى مرحلة دون المرور على الأقل بالمعلومات والمعارف، إن كان بناء المهارات والقدرات فسوف يتعرض لتراجع أو توقيف مؤقت.
إن عجلة التعلم والتعليم ستستمر، ويقدر الطلاب أهمية ما حدث، إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب، وأهاليهم خاصة ممن يعترضون على مستوى التعليم أو المخرجات، وإن تم الانقطاع وجدوه فرصة للهجوم المضاد، وبدأت ملاحم ضياع التعليم وضياع الفرص وضياع المستقبل!.
والأمر الآخر الذي قامت به الوزارة بالنسبة للمعلمين والمعلمات، أنها جعلتهم يدخلون موج البحر وطالبتهم بالإبحار، وهذه خبرة بألف دبلوم ومليون دورة!،
لقد جعلتهم يتعاملون مع الوضع ويتكيفون معه.
ما عرضته اليوم هو مجرد معلومات سريعة، لكن الفاصل هو النتائج من هذه الخبرة التي ستسهم بالتأكيد في الارتقاء وتطوير التعليم لدينا. والله يحفظ الجميع.