كنت أقرأ قبل أيام كتابا مترجما ألفه طبيب أمريكي عمل قبل أكثر من ربع قرن في أحد أكبر مستشفيات المملكة،
كنت أقرأ قبل أيام كتابا مترجما ألفه طبيب أمريكي عمل قبل أكثر من ربع قرن في أحد أكبر مستشفيات المملكة، وبعد أي صفحة تنتهي، أشعر أنني أمام كاتب محترف، فمع أنه طبيب متخصص في أحد فروع الطب الدقيقة إلا أن لغة السرد التي كتب بها تؤهله لكتابة عمل إبداعي غاية في الجاذبية والإبهار، بعيدا عن صحة المضمون الذي جاء على شكل ذكريات صاغها بلغة أدبية، فهذا أمر آخر لا يحق لي الحديث عنه بحكم أنه يخص المؤلف ومن تحدث عنهم. فما أريده هنا هو اللغة التي نفتقدها كثيرا حتى في المحاولات الخجولة والنادرة التي كتبها بعض من أراد أن يوصف بـ مؤلف حتى وإن كان تأليفه لا يتجاوز ما كتبه وهو في الصف السادس الابتدائي في حصة الإنشاء والتعبير..!!.
أما العاجزون عن كتابة أي شيء (وهم ولا شك أعلام في تخصصاتهم العلمية) فلا تسألهم، لماذا معظمهم لا يستطيع إقامة جملة صحيحة، واسأل طيبة الذكر (الإنشاء والتعبير) التي كانت تحوم حول أسبوع الشجرة والنظافة وإن ذهب المعلم بعيدا في الحرية فسيصعق الطلاب بموضوع على غراراكتب عن كيف قضيت إجازتك الصيفية!
قد يقول قائل إن الكثير مما يخرج (خصوصا المذكرات) في الغرب أو الشرق يمر عبر مؤسسات نشر متخصصة تقوم بدور الصياغة الاحترافية المشوقة. وهذا صحيح ولا شك. ولكن الأصح أن مناهجهم تعلم منذ مراحلها الأولى مهارات الكتابة التي لن تُصقل بشكل حقيقي إلا في ظل توفر حرية التفكير والإبداع لدى الطالب، فمن المضحك والمبكي في الوقت نفسه أننا ما زلنا نجد من ينسخ موضوع التعبير الذي كتبه زميله تحت سمع وبصر المعلم بل وبمباركته في بعض الأحيان، وكأن الموضوع معادلة رياضية لا تحتاج إلى إبداع شخصي! ولعل المتابع لما يرد من تعليقات على بعض المواقع الإلكترونية والتي تخرج من يد كاتبها الشهير كما هي دون تدخل خارجي يدرك حجم المأساة اللغوية التي تمر بها اللغة العربية، فبعض المشاهير لا يعرف أن في العربية ما يدعى قواعد الكتابة الصحيحة.
ولكي أكون منصفا فإنني وبحكم اطلاعي على بعض المناهج السعودية الجديدة التي دخلت مرحلة التطبيق هذا العام، أتفاءل خيرا في أن هذه المناهج بدأت تتلمس الطريق الصحيح في تنمية مهارات التفكير، وبالطبع النتائج لن تظهر إلا بعد عقد من الزمن على الأقل.
ولكن هل المعلم بوضعه الحالي، مؤهل لتدريس هذه المناهج؟