محمد فايع

لعل فترة الاختبارات من أكثر الأوقات العصيبة في حياة الطلاب قديما وحاضرا، وإن قلّت حدة الإحساس بقلقها عند الطلاب وأسرهم في الآونة الأخيرة، لأسباب كثيرة، ربما من بينها الأساليب التربوية المتبعة نتيجة نمو الوعي عند الأسر، سواء الأساليب التي ظهرت في بعض البيوت أو في المدارس حول التعامل مع الاختبارات، من أجل الإقلال من القلق والتوتر والاضطرابات إلى حد كبير، التي تخلقها الاختبارات، حتى ظهر ما يسمى بـ«فوبيا الاختبارات»، وما ينتج عن هذا المرض من نتائج سيئة على حالة الطالب النفسية والجسدية والدراسية، فأسهمت هذه الأساليب في التخفيف من القلق، مع أن الاختبارات ستظل قلقا مستمرا، ولا أحد ينكر ذلك، من حيث كونها تشكل هاجسا للطلاب، كأمر طبيعي يرتبط بالنجاح والفشل والمستقبل،وهي خطوات محسوبة في حياة الطالب مهما تحدثنا عن الاختبارات، ودائما تكون تلك الخطوات مصحوبة بالمخاوف المستقبلية، إلا أن بعض التربويين يرى أن أسرة الطالب قد تكون أحد أسباب نشوء القلق عند الطلاب، الذي قد تكون نتائجه غير جيدة، خاصة حين المبالغة في التعامل معهم بشأنها. صحيح لا أحد يلوم الأسرة حينما تهتم باختبارات أولادها كي يحصلوا على نتائج مفرحة، ونسب مرتفعة، خاصة في المرحلة الثانوية، لكن في كثير من البيوت قد تكون الأساليب المتبعة غير صحيحة بالشكل الذي يفترض أن تكون عليه وتنهجه نحو تشجيع الأبناء لحثهم على المذاكرة، حتى يذهبوا إلى قاعات الاختبارات بنفسيات مرتاحة تشعرهم بالاطمئنان، وتملأ نفوسهم بالثقة اللازمة والهدوء الذي تتطلبه تأدية الاختبارات بشكل جيد، بدلا من الشحن، والحديث الدائم والمقلق عن المعدلات والنسب ونتائج الاختبارات، حتى تتحول البيوت إلى أشبه ما تكون بثكنات عسكرية بكثرة الأوامر والتوجيهات، واستخدام الاختبارات للتخويف والتهديد والوعيد، وتعطيل كثير من برامج الأسرة، وإقفال التلفزيون وإيداعه المستودع، وقد تسحب الجوالات والأجهزة الذكية كلها، حتى يصبح جو البيت كئيبا، مما يجعل هذه الأجواء الرهيبة المشحونة جدا بمخاوف الأسرة، تنعكس على نفوس الأبناء داخل البيت، وبالتالي قد تؤثر في أدائهم في الاختبارات بالشكل المرجو الذين يتمناه الوالدان ويأملانه.

لهذا من المفترض أن تبتعد الأسرة عن كل مسببات القلق التي تجعل من الاختبارات شبحا مخيفا في نظر الأبناء، وتسعى إلى تهيئة أجواء البيت تهيئة صحية، أجواء تساعد أبناءها وبناتها على التفاعل مع أيام الاختبارات بشكل إيجابي، بيئة تكون محفزة ومشجعة للأبناء، فتساعدهم على تنظيم أوقات المذاكرة، وتوجههم إلى استثمار الأوقات، وتحاول إيجاد لحظات مخطط لها بصحبتهم للاستمتاع والمرح والترفيه عن أنفسهم، لأن ذلك يساعد على تجديد النشاط الجسدي والنفسي عند الأبناء، ويعينهم في أن يروحوا عن نفوسهم التي تكون مثقلة بأعباء المذاكرة وأجواء قاعات الاختبارات، وهذا سيفيدهم في إعادة شحن أجسادهم، وتزويد نفوسهم بالطاقة اللازمة للاستذكار الجيد.

في الختام، لا يمكن لي أن أغفل التطرق لدور المدرسة المكمل لدور الأسرة في تهيئة الأجواء المناسبة لأبنائنا وطلابنا أيام الاختبارات، حتى يتم تجاوزها من قبل أبنائنا بنجاح، وتطلعات ترفدها الأماني والآمال في مستقبل مشرق لخدمة الدين والوطن، فنجاح المدرسة يكمن في جعل قاعة الاختبارات والاختبارات نفسها أمرا عاديا، بعيدا عن المبالغة في مظاهر التشديد والمراقبة، بما يزيد من توتر الطلاب.