لا شك أن النصح ومحاولة الإصلاح والتوجيه من القيم السامية التي كانت من مهام الرسل والأنبياء والصالحين على اختلاف أزمنتهم وعصورهم. وهو مسؤولية تقع على عاتق كل شخص يستشعر مسؤوليته تجاه مجتمعه، وليست حِكرا على المربين والدعاة ولا حتى أصحاب الشهادات، فكم من نصيحة كانت لنا بمثابة الومضة، أضاءت لنا عمرا، ودانت لها نفوسنا بالامتنان، جاءت من شخص أمّي لم يتعلم في المدارس ولم يحمل شهادة عليا ولا مراجع غير ما نشأ عليه من دين قويم وشيَم.
النقد والتوجيه والنصح أمور كانت وما زالت أدوات تصحيح وبناء وتطوير متى ما اجتمع فيها الغرض النبيل والوسائل المناسبة، التي من شأنها إيصال الرسالة وبلوغ الهدف، دون تعرية الآخر ولا جرحه، وليس الغرض منها الاستعراض بالقدرات الكلامية والمثاليات، كما هو الحاصل حاليا في وسائل ومواقع التواصل.
إن أغلب ما نسمع ونشاهد من المصلحين أو أشباههم إنما هو استعراض للعلم والخبرة بمثالية فائقة، ولغة استعلائية، نتوهم منها نحن -المتلقين- أن هذا المرشد كاملا أو مثاليا، أو لم يمر بكبوات تشبه كبواتنا، لدرجة قد توهن عزائمنا وتشعرنا بيأس من إمكانية التغيير والوصول لأهدافنا.
ولو عدنا إلى ما قال الله وقال رسوله لوجدنا: (فقولا له قولا لينا....)، واللين يشمل التواضع، والتواضع يشمل الواقعية وعدم المبالغة.
وقال واصفا حال قارون: (قال إنما أوتيته على علم عندي..) فكانت النتيجة:(فخسفنا به وبداره الأرض). فالاستعلاء نتيجته الهدم وليس البناء في كل الأحوال.
ونجد فيما قاله رسولنا ﷺ:(أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم..)
فلغة التعالي في النصح والإرشاد ليست باللغة الناجحة، ولا الفاعلة إطلاقا، بل هي سبب في إحجام الناس عن صاحبها يوما بعد يوم.
وكذلك المثالية العليا ما هي إلا انعكاس لخلل في شخصية ذلك المرشد، ولو كان سوي الشخصية لنزل إلى مستوى من يحادثهم مهما كانت شهادته وعلمه، ولحدثهم بما يناسب أحوالهم، ولناصحهم وكأنه واحد منهم جرت عليه أخطاؤهم، وعملت فيه تجاربهم نفسها حتى صقلته فأصبح ما هو عليه.
إن ما يفعله بعض المربين والمرشدين ليس إلا تصويرا خياليا لا يوافق الواقع، ولا يؤتي ثمارا، وأذكر من ذلك للتمثيل لا الحصر، حينما يؤكد المرشد للمتلقي أن باستطاعته تخطي تجربة ما مؤلمة دون مساعدات، ولا إمكانيات تعينه على تخطي أزمته، مستشهدا بنفسه وأنه وقع في كذا وكذا من الأزمات وتخطاها دون مساعدة من أي نوع !! فيملأ نفس المتلقي بالحماس الذي ما يلبث أن يتبخر فور عودته إلى واقعه، بينما لو راجعنا سيرة ذلك المرشد لوجدناه تلقى الكثير من المساعدات ليقف على قدمين ثابتتين ويبدو في أعين الناس راسخا عصاميا مثاليا.
وأخيرا.. لنكن - مهما كانت خبراتنا- واقعيين في نصحنا وإرشادنا للآخرين فالغرض هو الإصلاح لا الاستعراض، وإشعارهم بالنقص والإحباط، ولنتذكر دائما أن لغة الاستعلاء تهدم ولا تبني. وادعاء المثالية يسقط القدوات، أو يجعلها كالتماثيل قد تعبد علناً وتحتقر سراً، لا نافع منها ولا شافع.
النقد والتوجيه والنصح أمور كانت وما زالت أدوات تصحيح وبناء وتطوير متى ما اجتمع فيها الغرض النبيل والوسائل المناسبة، التي من شأنها إيصال الرسالة وبلوغ الهدف، دون تعرية الآخر ولا جرحه، وليس الغرض منها الاستعراض بالقدرات الكلامية والمثاليات، كما هو الحاصل حاليا في وسائل ومواقع التواصل.
إن أغلب ما نسمع ونشاهد من المصلحين أو أشباههم إنما هو استعراض للعلم والخبرة بمثالية فائقة، ولغة استعلائية، نتوهم منها نحن -المتلقين- أن هذا المرشد كاملا أو مثاليا، أو لم يمر بكبوات تشبه كبواتنا، لدرجة قد توهن عزائمنا وتشعرنا بيأس من إمكانية التغيير والوصول لأهدافنا.
ولو عدنا إلى ما قال الله وقال رسوله لوجدنا: (فقولا له قولا لينا....)، واللين يشمل التواضع، والتواضع يشمل الواقعية وعدم المبالغة.
وقال واصفا حال قارون: (قال إنما أوتيته على علم عندي..) فكانت النتيجة:(فخسفنا به وبداره الأرض). فالاستعلاء نتيجته الهدم وليس البناء في كل الأحوال.
ونجد فيما قاله رسولنا ﷺ:(أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم..)
فلغة التعالي في النصح والإرشاد ليست باللغة الناجحة، ولا الفاعلة إطلاقا، بل هي سبب في إحجام الناس عن صاحبها يوما بعد يوم.
وكذلك المثالية العليا ما هي إلا انعكاس لخلل في شخصية ذلك المرشد، ولو كان سوي الشخصية لنزل إلى مستوى من يحادثهم مهما كانت شهادته وعلمه، ولحدثهم بما يناسب أحوالهم، ولناصحهم وكأنه واحد منهم جرت عليه أخطاؤهم، وعملت فيه تجاربهم نفسها حتى صقلته فأصبح ما هو عليه.
إن ما يفعله بعض المربين والمرشدين ليس إلا تصويرا خياليا لا يوافق الواقع، ولا يؤتي ثمارا، وأذكر من ذلك للتمثيل لا الحصر، حينما يؤكد المرشد للمتلقي أن باستطاعته تخطي تجربة ما مؤلمة دون مساعدات، ولا إمكانيات تعينه على تخطي أزمته، مستشهدا بنفسه وأنه وقع في كذا وكذا من الأزمات وتخطاها دون مساعدة من أي نوع !! فيملأ نفس المتلقي بالحماس الذي ما يلبث أن يتبخر فور عودته إلى واقعه، بينما لو راجعنا سيرة ذلك المرشد لوجدناه تلقى الكثير من المساعدات ليقف على قدمين ثابتتين ويبدو في أعين الناس راسخا عصاميا مثاليا.
وأخيرا.. لنكن - مهما كانت خبراتنا- واقعيين في نصحنا وإرشادنا للآخرين فالغرض هو الإصلاح لا الاستعراض، وإشعارهم بالنقص والإحباط، ولنتذكر دائما أن لغة الاستعلاء تهدم ولا تبني. وادعاء المثالية يسقط القدوات، أو يجعلها كالتماثيل قد تعبد علناً وتحتقر سراً، لا نافع منها ولا شافع.