الرزانة التي تحاول السينما الهندية إقناعنا بها هذه الأيام لن 'يمشي حالها'، فنحن جيلٌ رأى أميتاب باتشان يقفز فوق الجبل

الرزانة التي تحاول السينما الهندية إقناعنا بها هذه الأيام لن يمشي حالها، فنحن جيلٌ رأى أميتاب باتشان يقفز فوق الجبل، ويعبر اللهب، ويكلم الحيوانات. صحيح أن جيش الجميلات الذي تحتشد به زي أفلام جذاب، ولكن هذه ليست سينما الهند، شيء مختلف آخر، نجومها أقرب إلى الهوليوودية، البطل أصبح يرتدي النظارات الطبية.. غيرقادرعلى تأديب المتطاولين، مرتبط بكمبيوتره الشخصي أكثر. راحت أيام السوالف الطويلة وبنطلونات الشارلستون. الأشرار أصبحوا رجال أعمال يرتدون أفخم الملابس. يجللون خصلات الشعر يتملكون الأبراج التجارية والسيارات المصفحة، سقى الله أيام أمجد خان حين كان وعصابته المحدودة يختبئون في الأحراش، يركبون الخيول بأسمالهم البالية، اليوم لايكتشف البطل أن الشرير الذي طارده كل حياته هو شقيقه، لن تأتي الأمهات ليشعن السر قبل ثانية من سحق الأخ أخاه بحجارة أو فأس، لم تعد الأفلام الهندية تنتهي برقصات فرح جماعي في أزقة القرية البسيطة تحت المطر. كانت السينما الهندية تقدم الحلم خالصا لشعب فقير فتمنحه الأمل. فكرة البطل الطيب المتواضع الفقير الوسيم ذي الصوت الجميل تشحنهم بالحياة، وتجعلهم يصعدون فوق مكابداتها، وحين صنع الإنجليز 1982 عبر ريتشارد أتينبيرو فيلم غاندي الشهير عن الرجل الذي حاربوه طويلا، كانت المؤشرات تقول إن ثمة ماهو قادم سينمائيا من شبه القارة التي حلمت بها كل القوى الإمبراطورية عبر التاريخ، قدم أتينبيرو الهند من خلال زعيمها فقط، وجهة نظر سياسية باردة، لكن فيلم مدينة المرح 1992 لباتريك سويزي كان أعمق وأبسط وأكثر تصالحا، طرح اتينبرو موقفا سياسيا وجاء سويزي بمنطق إنساني، وبدا الفرق كبيرا. اليوم تنفجر الاستثمارات في بوليوود. تتدفق المليارات على أسواق العالم بمئات الأفلام. وجه كاترينا كايف وكارينا كابور أجمل مليون مرة من وجه شبانا عزمي، والأشرار أصبحوا يجيدون لغات عدة أفضل من أمجد خان، لكن كل مؤثرات الدنيا وخدعها البصرية واستثماراتها لا يمكن أن تعيد حماس طفل كسرت ذراعه مقلدا أميتاب في الشعلة أو ضحكاته على كلب مارد.. هي أيام والأيام لا تعود.