يحاول علي الأمين التقريب بين السنة والشيعة حيث يمضي جل وقته ليقدم أنموذج الفقيه المعتدل المهموم بنهضة الأمة ووأد الطائفية، ويقدم في كتابه السنة والشيعة أمة واحدة إسلام واحد واجتهادات متعددة الصادر في 238 صفحة عن الدار العربية للعلوم ناشرون ببيروت دراسة فقهية وكلامية في مسألة الخلافة والإمامة تُسقط أسباب الخلاف وتثبت حقّ الاختلاف، حيث يؤكد أن الكثير من أهل السياسة يعيشون على استنفار العصبية الدينية والمذهبية لتعزيز مواقعهم عند طوائفهم، ولذلك لا يريدون خطاب الاعتدال والوسطية الذي يجمع الناس ويلغي الفوارق بينهم نتيجة لحوارات جادّة بين المذاهب الإسلاميّة هادفة للتّقريب بينها.
ويشدد الأمين في مقدمة كتابه على أنه انطلق من مبدأ أساسيّ هو أنّ الإسلام عقيدة وشريعة من آمن بهما صار مسلماً، ويوضح أن هناك تجربة إسلاميّة حكى لنا عنها التّاريخ ونقلتها كتب السّيرة، بدأت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقعت فيها الخلافات والاختلافات، وقد لا نعرف شيئاً عن تلك التّجربة كالّذي دخل في الإسلام حديثاً بناءً على اطّلاعه على محاسن العقيدة والشّريعة وإيمانه بهما. ويضيف قد نعرف شيئاً عن تلك التّجربة الّتي حصلت في الماضي وقد نختلف في الحكم عليها أو على بعض مراحلها وأشخاصها سلباً أو إيجاباً، ولكنّ ذلك كلّه لا علاقة له بالدّخول في الإسلام عقيدةً وشريعةً، والمهمّ أن تكون التّجربة الإسلاميّة الّتي نخوضها اليوم بعضنا مع البعض الآخر صحيحة في دولنا ومجتمعاتنا وأوطاننا، ولكي تكون صحيحة يجب أن نعود إلى تلك المبادئ والأسس الّتي يصبح المؤمنون بها من المسلمين مع غضّ النّظر عن النّزاعات الّتي حصلت والخلافات الّتي وقعت بعد ذلك، وقد عبّر عن تلك الأسس الجامعة في بداية الدّعوة ما قاله جعفر بن أبي طالب لملك الحبشة، تلك الدّعوة الّتي جمعت بينهم وألّفت بين قلوبهم بمبادئها وقيمها لا تزال حتّى اليوم تنادينا نحن المسلمين للإيمان بها والإنضواء تحت رايتها، بعيداً عن التّجربة الّتي مرّت فيما بعد وبعيداً عن الإنقسامات الّتي حصلت بعدها، وتأمرنا بالتّمسّك بتلك المبادئ الّتي تدخل وحدها صاحبها في الإسلام.
ويتساءل الأمين متعجباً: أفلا تجمعنا اليوم تلك المبادئ الّتي جمعتهم في الماضي؟! أفلا نكون بالإيمان بتلك المبادئ الّتي آمنوا بها وحدها من المسلمين حقّاً وإن لم نطّلع على خلافات الماضين؟! أو اطّلعنا عليها وعملنا بقوله تعالى: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون.