الحرب هي العلاج الذي اختاره أعداؤنا، وأقول دعنا نمنحهم كل ما يريدون من هذا العلاج «الجنرال وليم شيرمان».
قبل سنوات كتبت دراسة أكاديمية بالإنجليزية نشرت في مجلة العلوم السياسية عن الوضع في الخليج، خصوصا بين ضفتيه السعودية وإيران، وراجعت تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية لعقود، كذلك راجعت السلوك الإيراني وطبيعته، ذكرت أن العلاقة بين الخليجية الإيرانية ستبقى متوترة، بل من المتوقع أن تتدهور وتصبح إيران أكثر عدائية، وفعلا وصلت العلاقات الإيرانية السعودية إلى أسوأ حالاتها، وكان البعض من الأكاديميين يقول لي عندما ناقشنا الدراسة أن السياسة دائما تكون في مرحلة صعود وهبوط (تحسن وتدهور)، وكنت أقول ليس مع النظام الإيراني الحالي لأسباب جوهرية تتعلق ببنية النظام.
النظام الإيراني الحالي مدعوم من المتشددين وهم الأتباع الذين يعتمد عليهم، ولإرضاء التشدد يجب إيجاد عدو أو حتى خلق عدو، وهذا أسلوب معروف تاريخيا في كل حركات التشدد الديني، إيجاد العدو لجمع الموالين، وهي كمحاولة لغض نظر الشعب الإيراني والأتباع عن الوضع الداخلي المزري في إيران اقتصاديا واجتماعيا، فلذلك يجب تحويل الأنظار لعدو خارجي، إذا تحسنت العلاقات الإيرانية الخليجية فهذا يعني سقوط النظام ببساطة لأنه لن يجد عذرا، ولأنه لا يستطيع تصدير المشكلات للخارج.
والنظام الإيراني وضع الخليج -خصوصا السعودية- كهذا العدو المستهدف، إذا تحسنت العلاقة فذلك يعني سقوط العدو الخارجي ولفت الأنظار لمشاكل الداخل، خصوصا أن غالبية الشعب الإيراني البسيط ضد النظام، والأدلة واضحة فدائما ما يسقط في الانتخابات المرشح الأكثر قربا من النظام مع أن كل المترشحين لهم صلات به، ولكن يخسر الأقرب للنظام بسبب كره الشعب لطبيعة النظام، ورأينا الثورة الخضراء وما تبعها من ثورات.
يعتقد البعض مخطئا أن النظام الإيراني هو نظام براجماتي، وهذا غير صحيح بتاتا، فالنظام البراجماتي يسعى إلى حد ما إلى البحث عن المكاسب والفرص ويستغل الأحداث لصالحه، بينما النظام الإيراني الدافع الأساسي لتصرفاته هو التشدد الديني والمحافظة على رضا الطبقة المتشددة، كان من الممكن ببساطة أن يكوّن علاقات تجارية واقتصادية مع دول الجوار، وإيران جاءتها فرص كثيرة منها استثمارية واقتصادية خلال العقود الماضية، ومع ذلك كانت بطريقة أو أخرى ترفضها وتردها رغم أنها قد تجلب الرفاه لشعبها، وربما جزئيا هناك البعض من النظام والحرس الثوري مستفيدون شخصيا من العزلة الإيرانية والاحتكار والتهريب.
وأكبر خطأ الاعتقاد بأن هناك شيئا يدعى «تغيير سلوك النظام»، فإذا كان النظام يعتقد أن التفجيرات وزعزعة بلدان الشرق الأوسط هو انتصار ومكاسب، فكيف تغير سلوكه؟! فهو وصل إلى قناعة في عقله الباطني أن زرع الفوضى هو الطريق الأصلح لكي يسيطر، فأي محاولة لتغيير السلوك هي خسارة للجهد والمال والوقت.
النظام الإيراني رغم مرور أربعة عقود إلا أنه يعاني مراهقة سياسية، هو يدير إيران كثورة وليس كدولة، وهو لا يعترف بالمعاهدات والأعراف الدولية، مما يعني أنه نظام أشبه بعصابة أكثر منه نظام دولة.
أما الأهم فهو الدستور الخميني، وهو ينص صراحة على تصدير الثورات للخارج، أي أن التدخل بالدول الأخرى جزء من الدستور! لذلك أي كان من يأتي بعد الخميني في الحكم سيجد صعوبة في تغيير هذا الجزء المهم من الدستور وإلا سيعتبر أنه جبن وتغيير وصايا الخميني المؤسس للنظام الحالي.
لذلك أقول وبناء على ما سبق على الدول الخليجية نسيان عبارة تغيير سلوك النظام والعمل على إستراتيجية تغيير النظام كهدف، سواء من خلال السياسة والاقتصاد والعمليات السرية وكل إستراتيجيات وأساليب تغيير الأنظمة، ولا يعتبرون ذلك كهدف غير واقعي لسبب سأذكره لاحقا، والتخطيط لسقوط النظام الإيراني يجب أن يكون أولوية كبرى تدعم ماديا وبشريا.
وهذا يخدم هدفين، فإذا سقط النظام الإيراني عم السلام في الشرق الأوسط، حتى ولو لم يسقط فإنه سيكون ضعفا، مما يقلل من مشاكل الشرق الأوسط والعالم، وكما يقول نورمان فينسنت بيال «صوب باتجاه القمر، وحتى لو لم تصب فإنك ستهبط بين النجوم»، ليكن الهدف الرئيس تغيير وسقوط النظام حتى ولو لم تصب سيؤدي ذلك إلى هزيمته وكف شره.
أما الهدف الثاني فهو واضح من خلال تاريخ السلوك الإيراني، فالملاحظ أن النظام الإيراني لا يأتي إلى الطاولة ويقدم تنازلات إلا عندما يكون تحت ضغط هائل، وهذه عقلية العصابات والحركات المتمردة.
عندما أتكلم عن حرب لا أعني الحرب التقليدية، بل أعني جميع أنواع الحروب، الاقتصادية والسياسية والاستخباراتية والإعلامية، بشكل مكثف مستمر متتابع لا هوادة فيه، غرف عمليات وتحكم بشكل مستمر على مدار الساعة كأنها حرب تقليدية، فإيران من الداخل ضعيفة جدا، وحتى استخدام حروب الوكالة، إيران تفضل دائما حروب الوكالة بسبب ضعفها في الحرب التقليدية، وهي أقل كلفة ماليا وسياسيا، لذلك تعتمد عليها، وحان الوقت للخليج لأن يجرع إيران من نفس طعم سمها.
أتمنى على الخليجيين ألا يعيدوا أسطوانة أن هذا ليس أسلوبنا، فالعالم يحتاج للتكيف وتغيير الأسلوب للناجع في التعامل، وأربعة عقود من الأسلوب القديم لم تفلح في تغيير سياسة النظام الإيراني العدوانية، ألم يحن الوقت لسياسة جديدة؟.
العالم والمجتمع الدولي رغم كل ما يدعيه حاليا لا يعترف إلا بالنتائج، هذه سورية شاهد على نفاق المجتمع الدولي، وهذا اليمن كذلك والطبطبة على أكتاف الحوثيين.
قد يختلف البعض معنا ونحن من مدرسة الواقعية الجديدة (النيوريالزم) بأننا نؤمن بالقوة والنتائج في هذا العالم الفوضوي، لكن أثبت التاريخ والأحداث أن توقعات وأساليب مدرستنا هي الأنجح في الإبحار في هذا العالم غير المستقر.
كتبتها سابقا في مقال وأعيدها حاليا «القوة والقوة لا بارك الله في الضعف».
قبل سنوات كتبت دراسة أكاديمية بالإنجليزية نشرت في مجلة العلوم السياسية عن الوضع في الخليج، خصوصا بين ضفتيه السعودية وإيران، وراجعت تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية لعقود، كذلك راجعت السلوك الإيراني وطبيعته، ذكرت أن العلاقة بين الخليجية الإيرانية ستبقى متوترة، بل من المتوقع أن تتدهور وتصبح إيران أكثر عدائية، وفعلا وصلت العلاقات الإيرانية السعودية إلى أسوأ حالاتها، وكان البعض من الأكاديميين يقول لي عندما ناقشنا الدراسة أن السياسة دائما تكون في مرحلة صعود وهبوط (تحسن وتدهور)، وكنت أقول ليس مع النظام الإيراني الحالي لأسباب جوهرية تتعلق ببنية النظام.
النظام الإيراني الحالي مدعوم من المتشددين وهم الأتباع الذين يعتمد عليهم، ولإرضاء التشدد يجب إيجاد عدو أو حتى خلق عدو، وهذا أسلوب معروف تاريخيا في كل حركات التشدد الديني، إيجاد العدو لجمع الموالين، وهي كمحاولة لغض نظر الشعب الإيراني والأتباع عن الوضع الداخلي المزري في إيران اقتصاديا واجتماعيا، فلذلك يجب تحويل الأنظار لعدو خارجي، إذا تحسنت العلاقات الإيرانية الخليجية فهذا يعني سقوط النظام ببساطة لأنه لن يجد عذرا، ولأنه لا يستطيع تصدير المشكلات للخارج.
والنظام الإيراني وضع الخليج -خصوصا السعودية- كهذا العدو المستهدف، إذا تحسنت العلاقة فذلك يعني سقوط العدو الخارجي ولفت الأنظار لمشاكل الداخل، خصوصا أن غالبية الشعب الإيراني البسيط ضد النظام، والأدلة واضحة فدائما ما يسقط في الانتخابات المرشح الأكثر قربا من النظام مع أن كل المترشحين لهم صلات به، ولكن يخسر الأقرب للنظام بسبب كره الشعب لطبيعة النظام، ورأينا الثورة الخضراء وما تبعها من ثورات.
يعتقد البعض مخطئا أن النظام الإيراني هو نظام براجماتي، وهذا غير صحيح بتاتا، فالنظام البراجماتي يسعى إلى حد ما إلى البحث عن المكاسب والفرص ويستغل الأحداث لصالحه، بينما النظام الإيراني الدافع الأساسي لتصرفاته هو التشدد الديني والمحافظة على رضا الطبقة المتشددة، كان من الممكن ببساطة أن يكوّن علاقات تجارية واقتصادية مع دول الجوار، وإيران جاءتها فرص كثيرة منها استثمارية واقتصادية خلال العقود الماضية، ومع ذلك كانت بطريقة أو أخرى ترفضها وتردها رغم أنها قد تجلب الرفاه لشعبها، وربما جزئيا هناك البعض من النظام والحرس الثوري مستفيدون شخصيا من العزلة الإيرانية والاحتكار والتهريب.
وأكبر خطأ الاعتقاد بأن هناك شيئا يدعى «تغيير سلوك النظام»، فإذا كان النظام يعتقد أن التفجيرات وزعزعة بلدان الشرق الأوسط هو انتصار ومكاسب، فكيف تغير سلوكه؟! فهو وصل إلى قناعة في عقله الباطني أن زرع الفوضى هو الطريق الأصلح لكي يسيطر، فأي محاولة لتغيير السلوك هي خسارة للجهد والمال والوقت.
النظام الإيراني رغم مرور أربعة عقود إلا أنه يعاني مراهقة سياسية، هو يدير إيران كثورة وليس كدولة، وهو لا يعترف بالمعاهدات والأعراف الدولية، مما يعني أنه نظام أشبه بعصابة أكثر منه نظام دولة.
أما الأهم فهو الدستور الخميني، وهو ينص صراحة على تصدير الثورات للخارج، أي أن التدخل بالدول الأخرى جزء من الدستور! لذلك أي كان من يأتي بعد الخميني في الحكم سيجد صعوبة في تغيير هذا الجزء المهم من الدستور وإلا سيعتبر أنه جبن وتغيير وصايا الخميني المؤسس للنظام الحالي.
لذلك أقول وبناء على ما سبق على الدول الخليجية نسيان عبارة تغيير سلوك النظام والعمل على إستراتيجية تغيير النظام كهدف، سواء من خلال السياسة والاقتصاد والعمليات السرية وكل إستراتيجيات وأساليب تغيير الأنظمة، ولا يعتبرون ذلك كهدف غير واقعي لسبب سأذكره لاحقا، والتخطيط لسقوط النظام الإيراني يجب أن يكون أولوية كبرى تدعم ماديا وبشريا.
وهذا يخدم هدفين، فإذا سقط النظام الإيراني عم السلام في الشرق الأوسط، حتى ولو لم يسقط فإنه سيكون ضعفا، مما يقلل من مشاكل الشرق الأوسط والعالم، وكما يقول نورمان فينسنت بيال «صوب باتجاه القمر، وحتى لو لم تصب فإنك ستهبط بين النجوم»، ليكن الهدف الرئيس تغيير وسقوط النظام حتى ولو لم تصب سيؤدي ذلك إلى هزيمته وكف شره.
أما الهدف الثاني فهو واضح من خلال تاريخ السلوك الإيراني، فالملاحظ أن النظام الإيراني لا يأتي إلى الطاولة ويقدم تنازلات إلا عندما يكون تحت ضغط هائل، وهذه عقلية العصابات والحركات المتمردة.
عندما أتكلم عن حرب لا أعني الحرب التقليدية، بل أعني جميع أنواع الحروب، الاقتصادية والسياسية والاستخباراتية والإعلامية، بشكل مكثف مستمر متتابع لا هوادة فيه، غرف عمليات وتحكم بشكل مستمر على مدار الساعة كأنها حرب تقليدية، فإيران من الداخل ضعيفة جدا، وحتى استخدام حروب الوكالة، إيران تفضل دائما حروب الوكالة بسبب ضعفها في الحرب التقليدية، وهي أقل كلفة ماليا وسياسيا، لذلك تعتمد عليها، وحان الوقت للخليج لأن يجرع إيران من نفس طعم سمها.
أتمنى على الخليجيين ألا يعيدوا أسطوانة أن هذا ليس أسلوبنا، فالعالم يحتاج للتكيف وتغيير الأسلوب للناجع في التعامل، وأربعة عقود من الأسلوب القديم لم تفلح في تغيير سياسة النظام الإيراني العدوانية، ألم يحن الوقت لسياسة جديدة؟.
العالم والمجتمع الدولي رغم كل ما يدعيه حاليا لا يعترف إلا بالنتائج، هذه سورية شاهد على نفاق المجتمع الدولي، وهذا اليمن كذلك والطبطبة على أكتاف الحوثيين.
قد يختلف البعض معنا ونحن من مدرسة الواقعية الجديدة (النيوريالزم) بأننا نؤمن بالقوة والنتائج في هذا العالم الفوضوي، لكن أثبت التاريخ والأحداث أن توقعات وأساليب مدرستنا هي الأنجح في الإبحار في هذا العالم غير المستقر.
كتبتها سابقا في مقال وأعيدها حاليا «القوة والقوة لا بارك الله في الضعف».