تتمتع الدول الكبرى بأسواق تأمينية ضخمة تتنوع ما بين التأمين الطبي بأنواعه، وتشمل أنواع التأمين الأخرى مثل التأمين على مركبات النقل، وعلى أخطار المهنة والسفر، ناهيك عن التأمين على المشروعات الكبرى والسندات والديون، وشركات تأمين متخصصة وعملاقة تبلغ قيمتها السوقية مليارات الدولارات.
محلياً.. ووفقاً لآخر الأرقام المتعلقة بقطاع التأمين في السعودية، فإن حصة التأمين الصحي تبلغ 51%تقريباً من حجم سوق التأمين الإجمالي، فيما يبلغ عدد المؤمن عليهم طبياً في المملكة نحو 12 مليون شخص، ارتفعت قيمة
ما دفعه حاملو وثائق «بوالص» التأمين الصحي في السعودية خلال الربع الأول من العام الماضي 2019 إلى 5.62 مليارات ريال، مقارنة بـ5.33 مليارات ريال في الفترة نفسها من العام الماضي.. ولا أعلم أين ذهبت تلك الأموال، فأسعار (البوالص) في ارتفاع، وأسعار شراء الخدمة من المنشآت الطبية في انخفاض، حتى أصبح كشف الطبيب 15 ريالا بالمراكز الطبية الصغيرة والمستوصفات التي أصبحت مثل (بوفيات) الشاورما والمشروبات المثلجة، معتمدة على (الكم) وليس الكيف، وذلك تجنباً للخروج من السوق.
لن يسعفني الوقت بالكتابة عن كثير من المشاكل التأمينية في مقال واحد، ولكن كطبيب سأركز على مشاكل الجودة الطبية التي راح ضحيتها المريض، وهي البحث عن السعر بغض النظر عن الخدمة.
أصبحت شركات التأمين تتدخل بعلاج المرضى وتحول العلاج بناء على مصالحها المادية.. مريض يحتاج إلى قسطرة قلبية تقوم الشركة بتحويله من مستشفى مجهز وفيه أفضل الكوادر إلى مستشفى (أبو ريالين) من أجل السعر، دون النظر إلى جودة المكان وتجهيزه.. مريض يحتاج أشعة مقطعية وكلنا نعرف أن السر ليس بـ(الأشعة) وإنما باستشاري الأشعة الذي يكتب التقرير النهائي، فتحوله الشركة من مكان إلى آخر حتى لو كان من يقرأ الأشعة أخصائياً لأن (الدراهم) مراهم، وتريد الشركة الموقرة توفير بعض (الدريهمات) على حساب المرضى.
وفي تطور جديد، وامتدادا لكسر نظرية (الجودة) أصبح بعض شركات التأمين يقوم بالاتصال بالمرضى وإعادة صرف الأدوية لهم دون حضور جلسات العيادة، وذلك لمحاولة توفير بعض (الأوراق المالية) على حساب متابعة ارتفاع ضغط الدم أو مستوى الكوليسترول لبعض المرضى. والأدهى والأمر هو تغيير الأدوية بحجة وجود بدائل أرخص، وكلنا نعلم علم اليقين أن الدواء من شركة عالمية عالية الجودة يختلف عن مصانع (مشي حالك) التي يتم سحب أدويتها بين الفينة والأخرى.
وبما أن الخطط المستقبلية تقوم على خصخصة القطاع الصحي، فمن الأولويات بناء نظام تأميني طبي قوي وحوكمة عالية لذلك القطاع تضمن حقوق جميع الأطراف، وقد يكون من أولويات مجلس الضمان الصحي:
1 - وضع حد أدنى لتسعيرة شركات التأمين للمراكز الطبية والمستشفيات، لكي لا نرى (سباكاً) يخلع ضرس مريض بـ5 ريالات، فكلما نزل السعر تنزل الخدمة الطبية، وهذه معادلة لا تحتاج (أينشتاين) لحلها.
2 - منع تدخل أطباء وصيادلة شركات التأمين بالخطة العلاجية للمريض (لوجود تضارب بالمصالح) وتقييمها حسب مبدأ الربح والخسارة.
3 - تقييم الخدمات الطبية المقدمة من شركات التأمين وربطها بمؤشرات الأداء ومراقبة نسبة (المرفوضات) والتدخل بالعملية الطبية.
4- وضع حد أدنى لقيمة (البوالص التأمينية) حيث إن شركات التأمين (تتذابح) للمنافسة على السوق بتنزيل أسعار البوالص، ومن ثم تعصر المستشفيات والمراكز الطبية لتخفيض الأسعار.
التأمين الطبي له مزايا كثيرة وهو أحد الحلول الإستراتيجية على المدى الطويل، ولكن إذا استمرت المعادلة بين شركات التأمين والمستشفيات في صالح (الشركات)، فسيصيح ذات المواطن ذات يوم (ليتنا من تأميننا سالمين).
محلياً.. ووفقاً لآخر الأرقام المتعلقة بقطاع التأمين في السعودية، فإن حصة التأمين الصحي تبلغ 51%تقريباً من حجم سوق التأمين الإجمالي، فيما يبلغ عدد المؤمن عليهم طبياً في المملكة نحو 12 مليون شخص، ارتفعت قيمة
ما دفعه حاملو وثائق «بوالص» التأمين الصحي في السعودية خلال الربع الأول من العام الماضي 2019 إلى 5.62 مليارات ريال، مقارنة بـ5.33 مليارات ريال في الفترة نفسها من العام الماضي.. ولا أعلم أين ذهبت تلك الأموال، فأسعار (البوالص) في ارتفاع، وأسعار شراء الخدمة من المنشآت الطبية في انخفاض، حتى أصبح كشف الطبيب 15 ريالا بالمراكز الطبية الصغيرة والمستوصفات التي أصبحت مثل (بوفيات) الشاورما والمشروبات المثلجة، معتمدة على (الكم) وليس الكيف، وذلك تجنباً للخروج من السوق.
لن يسعفني الوقت بالكتابة عن كثير من المشاكل التأمينية في مقال واحد، ولكن كطبيب سأركز على مشاكل الجودة الطبية التي راح ضحيتها المريض، وهي البحث عن السعر بغض النظر عن الخدمة.
أصبحت شركات التأمين تتدخل بعلاج المرضى وتحول العلاج بناء على مصالحها المادية.. مريض يحتاج إلى قسطرة قلبية تقوم الشركة بتحويله من مستشفى مجهز وفيه أفضل الكوادر إلى مستشفى (أبو ريالين) من أجل السعر، دون النظر إلى جودة المكان وتجهيزه.. مريض يحتاج أشعة مقطعية وكلنا نعرف أن السر ليس بـ(الأشعة) وإنما باستشاري الأشعة الذي يكتب التقرير النهائي، فتحوله الشركة من مكان إلى آخر حتى لو كان من يقرأ الأشعة أخصائياً لأن (الدراهم) مراهم، وتريد الشركة الموقرة توفير بعض (الدريهمات) على حساب المرضى.
وفي تطور جديد، وامتدادا لكسر نظرية (الجودة) أصبح بعض شركات التأمين يقوم بالاتصال بالمرضى وإعادة صرف الأدوية لهم دون حضور جلسات العيادة، وذلك لمحاولة توفير بعض (الأوراق المالية) على حساب متابعة ارتفاع ضغط الدم أو مستوى الكوليسترول لبعض المرضى. والأدهى والأمر هو تغيير الأدوية بحجة وجود بدائل أرخص، وكلنا نعلم علم اليقين أن الدواء من شركة عالمية عالية الجودة يختلف عن مصانع (مشي حالك) التي يتم سحب أدويتها بين الفينة والأخرى.
وبما أن الخطط المستقبلية تقوم على خصخصة القطاع الصحي، فمن الأولويات بناء نظام تأميني طبي قوي وحوكمة عالية لذلك القطاع تضمن حقوق جميع الأطراف، وقد يكون من أولويات مجلس الضمان الصحي:
1 - وضع حد أدنى لتسعيرة شركات التأمين للمراكز الطبية والمستشفيات، لكي لا نرى (سباكاً) يخلع ضرس مريض بـ5 ريالات، فكلما نزل السعر تنزل الخدمة الطبية، وهذه معادلة لا تحتاج (أينشتاين) لحلها.
2 - منع تدخل أطباء وصيادلة شركات التأمين بالخطة العلاجية للمريض (لوجود تضارب بالمصالح) وتقييمها حسب مبدأ الربح والخسارة.
3 - تقييم الخدمات الطبية المقدمة من شركات التأمين وربطها بمؤشرات الأداء ومراقبة نسبة (المرفوضات) والتدخل بالعملية الطبية.
4- وضع حد أدنى لقيمة (البوالص التأمينية) حيث إن شركات التأمين (تتذابح) للمنافسة على السوق بتنزيل أسعار البوالص، ومن ثم تعصر المستشفيات والمراكز الطبية لتخفيض الأسعار.
التأمين الطبي له مزايا كثيرة وهو أحد الحلول الإستراتيجية على المدى الطويل، ولكن إذا استمرت المعادلة بين شركات التأمين والمستشفيات في صالح (الشركات)، فسيصيح ذات المواطن ذات يوم (ليتنا من تأميننا سالمين).