جاء تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان كسفيرة للمملكة في أميركا خبرا سعيدا لكثيرين ولي شخصيا، فالخبر يحمل عدة اعتبارات ومدلولات مهمة، ليس لأنها أول سفيرة في تاريخ المملكة فقط، وليس لأنه بداية عصر جديد في تمكين المرأة وتبوُّئِها لمكانتها الطبيعية في المجتمع وهي التي تشكل نصفه، وليس لتعيينها في أحد أهم مراكز الدبلوماسية في العالم، والعرف والعادة العالمية في كل دول العالم أن مركز سفيرها في أميركا يكون من أهم مراكز وزارة الخارجية، فهناك مطبخ سياسة الأرض، بكل ما سبق مجتمعا، وكذلك يعطي رسالة للعالم أن المرأة السعودية قادمة وليست فقط قادرة، لأنها كانت قادرة منذ البدء، ولكن الآن أعطيت الفرص التي تستحقها في هذا العهد الزاهر، عهد أبي فهد، حفظه الله.
دعونا نعترف أن المهمة صعبة لأسباب عدة، منها في الفترة الماضية كان هناك هجوم شرس جدا على المملكة من الكونجرس بحزبيه، وليس من المعتاد أن تجد الحزبين الحاكمين يهاجمان جهة واحدة في الوقت نفسه، وهما اللذان لا يتفقان إلا في أمور قليلة، حتى الجمهوريين الذين تاريخيا كانوا إلى حد ما مقربين للعلاقات السعودية الأميركية شهدنا هجوما قويا منهم، والدلائل واضحة في تصويت الكونجرس في المشاريع الأخيرة المهاجمة للسعودية.. الإعلام المؤثر، خصوصا اليساري الذي يحاول أن يسجل نقاطا في خصومته مع الرئيس ترمب من خلال مهاجمة المملكة، وأيضا هناك الإعلام والسياسيون الأميركيون الذي سيحاولون دائما محاولة المقارنة بين الأميرة وبين والدها الأسطورة الأمير بندر بن سلطان في محاولة لوضع ضغوط عليها.
هناك على الجانب الآخر نقاط إيجابية.. السفيرة ريما عاشت شطرا معتبرا من حياتها في أميركا، وعايشت أجواء واشنطن وتخرجت من جامعاتها، فتعرف جيدا العقلية الأميركية وكيف تخاطبها باللغة التي تفهمها، وهي متحدثة بارعة في شرح وجهة نظرها ولها حضور، لم أعرف الأميرة ريما عن قرب، قابلتها بالصدفة مرة واحدة في اللوبي في أحد فنادق طوكيو، وكان لقاء قصيرا، لكني شاهدت أداءها في أكثر من اجتماع عالمي وقدرتها على مخاطبة الجمهور والإعلام، وكانت متميزة، والسفير يحتاج بشدة للتمتع بصفة الحضور والكاريزما، والعامل الآخر المهم جدا أنها ابنة الأسطورة الأمير بندر بن سلطان، الرجل الذي نكن له احتراما خاصا جدا، والذي يحترمه كل من يحب وطنه، سواء سعودي أو غيره، لأنه مدرسة بذاتها بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وقد كتبت عنه كثيرا سابقا ولم أوفِه حقه، وتعلمت من سيرته كثيرا أثناء دراساتي، فكيف بسفير يكون أبوه الروحي والحقيقي ومعلمه بندر بن سلطان! ولنعترف التربية و«دي أن أيه» له أثر بالغ.
وأيضا الشيء الإيجابي الآخر أن الأميرة ريما أتت من خارج وزارة الخارجية، وهذا شيء ممتاز، فما زال التفكير خارج الصندوق حاضرا بقوة، وأيضا لم تتأثر بالبرمجة من بعض موظفي الوزارة، وما زلت عند رأيي السابق، بل زاد اقتناعي أن وزارة الخارجية تحتاج إلى إعادة هيكلة كبرى لأدائها وبعض موظفيها وسفرائها، ورغم أن هذا جلب كثيرا من الشتائم للعبد الفقير لله من بعض الغاضبين من موظفي الخارجية، لكن هو رأي أعتقد أن الأيام أثبتت صحته وما زلت أطالب بما طالبت به سابقا في مقال «هل يفعلها العساف أم لا».
نصيحتي للأميرة من شخص محب جدا لوالدها، وكمواطن من واجبه نصح المسؤول، أقول استعيني بالله أولا، ثم عليك بالفريق الممتاز، وإذا كان الأمير بندر وهو السلطة الخامسة في واشنطن، وغير قواعد اللعبة وفكر خارج الصندوق فأنت ربما تحتاجين تغيير الصندوق ككل، وهذا لا يأتي إلا بوجود فريق يمتلك مهارات ومؤهلات عالية، وصراحة لا أرى الفريق الموجود في كثير من سفارتنا يملك هذه الصفات، تحتاجين إلى تغيير شامل وربما شبه كامل في الفريق والإستراتيجيات وحتى في الاستجابة وسرعتها ومرونتها، تحتاجين يا سمو السفيرة فريقا يملك الشغف والمعرفة والاستجابة والتكيف لمتغيرات واشنطن وسياستها، فريقا جديدا ذكيا للتعامل مع الكونجرس واستعادة العلاقات القوية مع الحزبين ولجانهما.
الأمير بندر مدرسة علمت كثيرين، وكذلك كان لديه مساعدون وتلاميذ نجباء ومبهرون يساعدونه، وواشنطن مثل البحر المتلاطم في السياسة، يغير اتجاه الريح بين لحظة وضحاها، وكل شيء يمكن تفسيره بأكثر من تفسير حتى أكثر الأشياء بديهية، خصوصا في الوقت الحالي والانقسام الحاد بين الحزبين.
نتابع منذ سنوات التاريخ السياسي والسياسة الأميركية ودرسناها لسنوات، ولكن هناك شبه إجماع أن الوقت الحالي هو مرحلة جديدة غير مسبوقة في واشنطن، يتحير فيها أكثر العارفين لدهاليزها.. أستاذنا ومعلمنا البروفيسور كينيث ولتز في (الواقعية السياسية الجديدة) المدرسة التي أنتمي إليها كان يقول إن النظام العالمي مبني على الفوضى (عدم وجود السلطة العليا)، لكن يبدو حاليا أن الجو العام في واشنطن هو الفوضى!.
يا سمو الأميرة إن شركات العلاقات العامة أثبتت فشلها الذريع أثناء الأزمات، بل بعضها تخلت عنا وقت الاحتياج، ما زلت أقول وأضع رهاني على أبناء البلد من أصحاب المؤهلات النشطين وليس المعلبين منهم أو أصحاب الواسطات والعلاقات الذين يعتقدون أن العمل الدبلوماسي في واشنطن هو مركز ومكانة اجتماعية، كما كان يقول الأسطورة بندر «من أراد أن يكون ولد شيوخ فواشنطن ليست المكان المناسب له»، نريد وجوها ذكية جديدة في سفارتنا وقنصلياتنا، وأناسا تحرث الأرض ليلا نهارا بحثا ودفاعا عن مصالح المملكة، ونريد أناسا تضع أهدافا وتحققها، ويكون تقييمها على الأداء وليس سنوات خبرة (معادة لعقود) من قبيل ودع واستقبل وصادر ووارد.
اعترف أنه من عادتي أن آخذ جانب الحذر في التفاؤل بخصوص المسؤولين، لكني متفائل بتعيين سمو السفيرة، وآليت على نفسي ألا أمدح مسؤولا منذ سنوات، لكن نجاح سمو السفيرة ريما هو نجاح للوطن ككل، ونجاح لكل نساء البلد خاصة، فأتمنى لها كل التوفيق من كل قلبي وكذلك كل السعوديين، وحفظك الله ووفقك وحفظ من أنجبك.
دعونا نعترف أن المهمة صعبة لأسباب عدة، منها في الفترة الماضية كان هناك هجوم شرس جدا على المملكة من الكونجرس بحزبيه، وليس من المعتاد أن تجد الحزبين الحاكمين يهاجمان جهة واحدة في الوقت نفسه، وهما اللذان لا يتفقان إلا في أمور قليلة، حتى الجمهوريين الذين تاريخيا كانوا إلى حد ما مقربين للعلاقات السعودية الأميركية شهدنا هجوما قويا منهم، والدلائل واضحة في تصويت الكونجرس في المشاريع الأخيرة المهاجمة للسعودية.. الإعلام المؤثر، خصوصا اليساري الذي يحاول أن يسجل نقاطا في خصومته مع الرئيس ترمب من خلال مهاجمة المملكة، وأيضا هناك الإعلام والسياسيون الأميركيون الذي سيحاولون دائما محاولة المقارنة بين الأميرة وبين والدها الأسطورة الأمير بندر بن سلطان في محاولة لوضع ضغوط عليها.
هناك على الجانب الآخر نقاط إيجابية.. السفيرة ريما عاشت شطرا معتبرا من حياتها في أميركا، وعايشت أجواء واشنطن وتخرجت من جامعاتها، فتعرف جيدا العقلية الأميركية وكيف تخاطبها باللغة التي تفهمها، وهي متحدثة بارعة في شرح وجهة نظرها ولها حضور، لم أعرف الأميرة ريما عن قرب، قابلتها بالصدفة مرة واحدة في اللوبي في أحد فنادق طوكيو، وكان لقاء قصيرا، لكني شاهدت أداءها في أكثر من اجتماع عالمي وقدرتها على مخاطبة الجمهور والإعلام، وكانت متميزة، والسفير يحتاج بشدة للتمتع بصفة الحضور والكاريزما، والعامل الآخر المهم جدا أنها ابنة الأسطورة الأمير بندر بن سلطان، الرجل الذي نكن له احتراما خاصا جدا، والذي يحترمه كل من يحب وطنه، سواء سعودي أو غيره، لأنه مدرسة بذاتها بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وقد كتبت عنه كثيرا سابقا ولم أوفِه حقه، وتعلمت من سيرته كثيرا أثناء دراساتي، فكيف بسفير يكون أبوه الروحي والحقيقي ومعلمه بندر بن سلطان! ولنعترف التربية و«دي أن أيه» له أثر بالغ.
وأيضا الشيء الإيجابي الآخر أن الأميرة ريما أتت من خارج وزارة الخارجية، وهذا شيء ممتاز، فما زال التفكير خارج الصندوق حاضرا بقوة، وأيضا لم تتأثر بالبرمجة من بعض موظفي الوزارة، وما زلت عند رأيي السابق، بل زاد اقتناعي أن وزارة الخارجية تحتاج إلى إعادة هيكلة كبرى لأدائها وبعض موظفيها وسفرائها، ورغم أن هذا جلب كثيرا من الشتائم للعبد الفقير لله من بعض الغاضبين من موظفي الخارجية، لكن هو رأي أعتقد أن الأيام أثبتت صحته وما زلت أطالب بما طالبت به سابقا في مقال «هل يفعلها العساف أم لا».
نصيحتي للأميرة من شخص محب جدا لوالدها، وكمواطن من واجبه نصح المسؤول، أقول استعيني بالله أولا، ثم عليك بالفريق الممتاز، وإذا كان الأمير بندر وهو السلطة الخامسة في واشنطن، وغير قواعد اللعبة وفكر خارج الصندوق فأنت ربما تحتاجين تغيير الصندوق ككل، وهذا لا يأتي إلا بوجود فريق يمتلك مهارات ومؤهلات عالية، وصراحة لا أرى الفريق الموجود في كثير من سفارتنا يملك هذه الصفات، تحتاجين إلى تغيير شامل وربما شبه كامل في الفريق والإستراتيجيات وحتى في الاستجابة وسرعتها ومرونتها، تحتاجين يا سمو السفيرة فريقا يملك الشغف والمعرفة والاستجابة والتكيف لمتغيرات واشنطن وسياستها، فريقا جديدا ذكيا للتعامل مع الكونجرس واستعادة العلاقات القوية مع الحزبين ولجانهما.
الأمير بندر مدرسة علمت كثيرين، وكذلك كان لديه مساعدون وتلاميذ نجباء ومبهرون يساعدونه، وواشنطن مثل البحر المتلاطم في السياسة، يغير اتجاه الريح بين لحظة وضحاها، وكل شيء يمكن تفسيره بأكثر من تفسير حتى أكثر الأشياء بديهية، خصوصا في الوقت الحالي والانقسام الحاد بين الحزبين.
نتابع منذ سنوات التاريخ السياسي والسياسة الأميركية ودرسناها لسنوات، ولكن هناك شبه إجماع أن الوقت الحالي هو مرحلة جديدة غير مسبوقة في واشنطن، يتحير فيها أكثر العارفين لدهاليزها.. أستاذنا ومعلمنا البروفيسور كينيث ولتز في (الواقعية السياسية الجديدة) المدرسة التي أنتمي إليها كان يقول إن النظام العالمي مبني على الفوضى (عدم وجود السلطة العليا)، لكن يبدو حاليا أن الجو العام في واشنطن هو الفوضى!.
يا سمو الأميرة إن شركات العلاقات العامة أثبتت فشلها الذريع أثناء الأزمات، بل بعضها تخلت عنا وقت الاحتياج، ما زلت أقول وأضع رهاني على أبناء البلد من أصحاب المؤهلات النشطين وليس المعلبين منهم أو أصحاب الواسطات والعلاقات الذين يعتقدون أن العمل الدبلوماسي في واشنطن هو مركز ومكانة اجتماعية، كما كان يقول الأسطورة بندر «من أراد أن يكون ولد شيوخ فواشنطن ليست المكان المناسب له»، نريد وجوها ذكية جديدة في سفارتنا وقنصلياتنا، وأناسا تحرث الأرض ليلا نهارا بحثا ودفاعا عن مصالح المملكة، ونريد أناسا تضع أهدافا وتحققها، ويكون تقييمها على الأداء وليس سنوات خبرة (معادة لعقود) من قبيل ودع واستقبل وصادر ووارد.
اعترف أنه من عادتي أن آخذ جانب الحذر في التفاؤل بخصوص المسؤولين، لكني متفائل بتعيين سمو السفيرة، وآليت على نفسي ألا أمدح مسؤولا منذ سنوات، لكن نجاح سمو السفيرة ريما هو نجاح للوطن ككل، ونجاح لكل نساء البلد خاصة، فأتمنى لها كل التوفيق من كل قلبي وكذلك كل السعوديين، وحفظك الله ووفقك وحفظ من أنجبك.