ديفيد بولوك

تشير الاستطلاعات التي جرت في البحرين ومصر والأردن ولبنان والكويت وقطر والسعودية والإمارات، إلى أن الرأي العام أصبح معتدلا بشكل مفاجئ في بعض هذه الدول. وفي معظم الحالات تتماشى مواقف الجمهور بشأن السياسة الخارجية مع مواقف الحكومة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.ويؤيد ثلثا المستطلعين بالكامل حل الدولتين، فضلا عن ذلك في حين يعارض جمهور كل بلد إلى حدّ كبير السياسة الخارجية الأميركية وإدارة الرئيس دونالد ترمب، إلا أن النسبة التي تعتقد أنه من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة أكبر بكثير. كما يتشاطر المستطلعون في هذه الدول عداء حكوماتهم تجاه «حزب الله» وإيران. وفي كل حالة اعترض بين 80 و90 في المئة من الشعب على إيران ووكلائها وعلى «حزب الله». وشكّل الاستثناء الوحيد لهذا الاتجاه الطائفة الشيعية في لبنان التي تدعم إلى حدّ كبير الحزب ورعاته في طهران، ولكن حتى هذا الدعم ينخفض، حيث يعتقد 30 في المئة فقط من اللبنانيين الشيعة أنه على «حزب الله» مواجهة إسرائيل. وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، لا تزال أكثرية ضئيلة من المستطلعين في مصر والأردن ولبنان تعتبر هذا الصراع أولوية رئيسية في السياسة الخارجية، غير أنه ذو أولوية منخفضة في دول الخليج العربي. فالدعم مرتفع في جميع البلدان لجهة منح الطرفين حوافز لتبنّي مواقف أكثر اعتدالا. ومع ذلك فإن الدعم منخفض بشكل عام بشأن التعاون مع إسرائيل في مجال التكنولوجيا والقضايا المماثلة قبل توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين - نحو 20 في المئة في المجموع، وإن كانت النسبة أعلى بقليل في مصر والأردن. وفي الوقت نفسه، تحتفظ «حماس» ببعض الشعبية، رغم تراجع وجهات النظر الإيجابية تجاهها. فتأييد هذه الحركة يتراوح بين 30 و40 في المئة، مما يشير إلى أن أقلية كبيرة ما زالت تدعم موقفا متشددا ضد إسرائيل على الرغم من الدعم الكبير لحل الدولتين. غير أن مواقف الشعوب المعتدلة نسبيا بشأن إسرائيل لا تعني أن حكومات المنطقة ستواجه ضغوطا شعبية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أو الاضطلاع بدور فعال في تعزيز عملية السلام، لكنها تشير إلى أنه إذا اختارت هذه الحكومات دعم السلام فلن تواجه كثيرا من ردود الفعل الساخطة، بل ستحظى على الأرجح بدعم سلبي على الأقل لهذه الجهود. علاوة على ذلك، أعرب المستطلعون في عدد من الدول عن دعمهم لبادرات حسن النية تجاه اليهود، رغم أن فئة متزايدة ترغب في رؤية الإسلام يُفسّر بشكل أكثر اعتدالا.* كاتب مهتم بالحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط* معهد واشنطن